وأعراضهم ، ودمائهم ، فإن الذي ليس له ولا من حقّه أن يتصرّف في شئون نفسه من نفسه ، كيف يجوز له أن يتصرّف في شئون غيره ، ويتصرّف في سلوكه من نفسه؟ إنّ ذلك ما لا يمكن أن يكون جائزا أبدا.
آية (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) تبطل اختيار الناس للإمام
على أنّ قوله تعالى في سورة النساء آية ٥٩ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) يبطل اختيار الأمّة للأئمة وذلك لوضوح دلالة الآية في مخاطبتها المؤمنين على اشتراط العصمة في أولي الأمر ، بدلالة الأمر لهم بالطاعة ، على سبيل الجزم والإطلاق ، واقتران طاعتهم بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله (ص). فكما أنّ الله تعالى لا يأمر ولا ينهى إلّا بما كان صوابا دائما فكذلك رسوله (ص) ، وأولي الأمر من بعده (ص) ، وتلك قضية وحدة السياق وتساوي المتعاطفات في الحكم في الآية.
فأولوا الأمر إن لم يكونوا معصومين لأمروا بالخطإ ، فتجب طاعتهم في أمرهم بالخطإ ، ولا شيء من الخطأ تجوز طاعتهم فيه ، ولما أمر الله تعالى بطاعتهم مطلقا ، كطاعة نفسه تعالى ، وطاعة نبيّه (ص) علمنا أنّهم لا يخطئون ، ومن لا يخطئ في قوله وفعله ، يكون معصوما. فإن قلتم : نخصّص ذلك بغير الخطأ. فيقال لكم : إنّ هذا التخصيص منكم مناف لظاهر الآية من جهة وتخصيص بلا مخصص من جهة أخرى وكلاهما باطلان وشيء آخر يلزمكم أن تفعلوه وهو أن تفككوا بين فقرات الآية ، بغير دليل ، وهي تأبى ذلك كل الإباء ، ولأنّ كون ما يفعله ، أو يأمر به ، معصية لا يعرف إلّا من طريق