الاحتجاج بالعشرة المبشّرة
قلت : إنّ الكلام في هؤلاء على الخصوص موجب لسقوط احتجاجكم بالصحبة بمجرّدها ، ومشاهدة النبي (ص) ، وسماع الوحي ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والجهاد في سبيل الله تعالى ، عن كونها موجبة للرحمة والرضوان من الله تعالى ، وموجب لسقوط احتجاجكم بذلك كلّه على عصمتهم ، من ارتكاب الكبائر والآثام ، والردّة عن دين الإسلام ، ومعه لا يبقى لكم فيمن نوهتم بأسمائهم ، وتدينتم بإمامتهم الأحسن الظنّ بهم ، والتعصّب لهم ، والتقليد لمن تقدمكم في الاعتقاد واعتمادا منكم على ما أوردتموه من حديث التبشير الذي لم يثبت صدوره من النبي (ص) :
السوابق والفضائل لا توجب العصمة من الخطأ
ومن الأدلّة الجليّة على أنّ الفضائل والسوابق التي وصفتم بها أولئك الذوات ، باستثناء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) منهم ، لم تعصمهم من الأخطاء ، ولم تمنعهم من مخالفة النبي (ص) :
فمن ذلك : قوله تعالى في سورة الأنفال آية ٦٧ : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ، تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ* لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
فأخبر تعالى بأن المشير به كان يريد عرض الدنيا دون الآخرة ، وكان المشير بذلك يومئذ هو الخليفة أبو بكر (رض) باتّفاق الفريقين على ما سجّله السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ص ٢٠١ من جزئه الثالث في تفسير هذه الآية ، وحكاه أبو الفداء في تفسيره ص ٣٢٥ من جزئه الثاني ، والخازن في تفسيره ص ٤١ من جزئه الثالث ، والبغوي في