اليوم كثرة الناس فقال : «لن نغلب اليوم من قلة» على ما حكاه البيضاوي في تفسيره ص ٦٤ من جزئه الثالث في تفسير الآية ، والخازن في تفسيره ص ٥٩ و ٦٠ من جزئه الثالث والبغوي في تفسيره بهامش الجزء الثالث من (تفسير الخازن) ص ٥٩ و ٦٠ ، وغيرهم من مفسّري أهل السنّة ومؤرخيها العظام.
ثم كان الخليفة أبو بكر (رض) في المنهزمين وكذلك كان حال الباقين في الهزيمة ممّن زعمتم أنّهم من أهل السوابق والفضائل ، فما عصمتهم السوابق والفضائل عن ارتكاب ذلك بهزيمتهم من الزحف في هذه المشاهد.
وفي القرآن يقول الله تعالى في سورة الأنفال آية ١٦ ناهيا مهددا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) إلى آخر الآية.
كما لم يمنعهم ما تدعون من نقض العهد الذي أخذ عليهم ألا يفروا فقال تعالى في سورة الأحزاب آية ١٥ (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ ، وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً).
وكان من الخليفتين أبي بكر وعمر (رض) يوم خيبر مما لا يختلف فيه اثنان من حفاظ الحديث ، وأمناء التاريخ عند أهل السنة ، وهو أول حرب حضرها المسلمون بعد بيعة الرضوان ، فلم يفيا بالعقد مع قرب العهد الذي أخذ عليهما (رض) ، فوصفهما رسول الله بالفرار بمفهوم قوله (ص) لعليّ (ع) وما دل عليه فحوى خطابه (ص) بقوله (ص) : (لأعطين الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده) فأعطاها عليّا (ع) فكان الفتح على يده بعد أن أعطاها للخليفتين أبي