رسول الله (ص) ، على ما خصّهم من الصفات ، من العبادة لله تعالى على الخوف والأذى ، على ما نطق به كتاب الله تعالى ، وذلك مانع من تخصيصها بخصوص الخلفاء (رض) دون الجميع ، لاستلزامه التناقض بين اجتماع معاني العموم على نحو الاستغراق ، والاستيعاب المدلول عليه في الآية ، وبين معنى الخصوص في أولئك ، ويلزم التدافع بينهما بدلائل العقول ، وذلك ما ينبذه العقل والدين ، ولا يرتضيه جميع المؤمنين ، فإذا تسجّل لديكم بطلان ذلك كله ثبت عموم الوعد بالاستخلاف على معنى توريث المؤمنين الأرض ، والديار ، والأموال ، والظهور لدين الله تعالى في الآية ، وذلك يتناول كل من كان في حياة النبي (ص) ، ومن جاء بعده من المؤمنين الموصوفين فيها إجماعا ، وقولا ـ واحدا من جميع المسلمين.
وجود الخلافة في الخلفاء لا يوجب انطباق الآية عليهم.
قال : إنّ الآية وإن كانت ظاهرة في العموم لجميع المؤمنين الموصوفين فيها بتلك الصفات كما ذكرتم إلا أنّها تريد خصوص الخلفاء (رض) بدليل وجود الخلافة فيهم دون جميعهم.
قلت : أولا : إنّكم إنّما أوجبتم الخلافة للمتقدمين على عليّ (ع) وحكمتم بصحتها لهم بالآية ، وجعلتموها دليلا على دفع من خالفكم فيها ، ولكنكم لما وجدتم ما أوجبه عمومها من بطلان ما ذهبتم إليه بظاهرها ، في إرادة العموم لجميع المؤمنين الموصوفين بما وصفتهم به الآية ، لم تجدوا سبيلا إلى تصحيح خلافتهم بغير خلافتهم ، ولكن كان عليكم أن لا يفوتكم أنّ تصحيح الشيء بنفسه ، والتدليل على نفسه بنفسه دور صريح ، وبطلانه واضح ، وأكبر الظن أنّه دعاكم إلى ابتغاء هذا النوع من الاستدلال هو عدم عثوركم على دليل يمكنكم به تصحيح ما ذهبتم إليه. وإني لأربأ بكم من اختيار مثل هذا التدليل