وشيء آخر : إنّه لو صحّ مثل هذا الاحتجاج ، وكان مقبولا في قواعد الرد ، وملزما للخصوم في آداب المناظرة لوجب على الإمام ابن تيمية أن يقبل احتجاج أهل الكتاب عليه بما ثبت عندهم ويكون هو الآخر ملزما بقبوله ، والنزول على حكمه ، وهذا باطل بالضرورة من العقل والدين وذلك مثله باطل.
ثانيا : إنّ اعتراف الإمام ابن تيمية بأنّ الفضائل المنقولة عن الصحابة في فضائل الخلفاء الثلاثة (رض) أعظم تواترا من نقل النص على باقي الأئمة الاثنى عشر من البيت النبوي (ص) ، يلزمه أن يعترف بتواتر النص على باقي الأئمة الاثنى عشر من أهل بيت النبي (ص) وتلك قضية صيغة التفضيل في كلامه ، والتي تقتضي في لغة العرب المشاركة بين شيئين من جهة والمفارقة بينهما من جهة أخرى ، مثال ذلك قولنا «زيد أعلم من خالد» فإنّه يقتضي اشتراكهما معا في العلم ، ليكون زيد أعلم منه. والمقام من هذا القبيل فإنّه يجب أن يشترك كل من النص المنقول في إمامة الأئمة الاثنى عشر من أهل البيت (ع) والمنقول في فضائل الخلفاء الثلاثة (رض) في التواتر ليكون هذا الأخير أعظم تواترا من الأول على حدّ زعم ابن تيمية فأعظمية تواتر المنقول في فضائلهم (رض) عن الصحابة كما يقول يعني اعترافه بتواتر النصّ المنقول في باقي الأئمة الاثنى عشر من آل النبي (ص) فالإمام ابن تيمية من حيث يشعر أو لا يشعر ، قد أبطل على نفسه بنفسه جميع ما جاء به من الوجوه المتقدمة والمتأخرة الباطلة في نفسها بهذا الوجه إبطالا (وكذلك يفعل المبطلون).