حسنا فهو عند الله حسن» ، وقد رأى المسلمون في السقيفة أن يختاروا أبا بكر (رض) للخلافة دون غيره ، فوجب أن يكون ذلك حسنا عند الله تعالى!؟.
حديث ما رآه المسلمون حسنا
قلت : أولا : إنّ ما زعمه هذا القائل بأنّ ما يختاره الناس هو ما يختاره الله تعالى منطبق على الموضوعين معا لوجود علّة المساواة بينهما ، وهي كون كل منهما مختارا للناس فيكون مختارا لله تعالى فصغرى قياسه ككبراه في الموضوعين واحد ، فحكمها واحد وأمّا كون إحدى الفئتين مسلمة ، والأخرى غير مسلمة ، فليس داخلا في موضوع بحثنا الذي هو إنّ كل ما يختاره الناس مطلقا يختاره الله تعالى على حدّ زعم هذا القائل.
ثانيا : إنّ بني إسرائيل كانوا مؤمنين بنبوّة موسى (ع) فهم كانوا مسلمين أيضا ، ومع ذلك فقد اختاروا غير ما اختاره الله تعالى ، فقد تركوا طاعة هارون (ع) وزير موسى (ع) ، وخليفته ، وحاولوا قتله ، واختاروا طاعة السامري ، وعبادة عجله ، وقدّموه على الله تعالى ، ومن ذلك تستشرفون على القطع باتحاد الموضوعين واتحاد حكمهما. وقديما قال رسول الله (ص) مخاطبا أصحابه (ص) دون غيرهم : «لتتبعنّ سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى إنّهم لو دخلوا جحر ضبّ لتبعتموهم قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن؟».
وهذا الحديث متّفق على صحّة صدوره عن النبي (ص) وقد أخرجه البخاري في صحيحه ص ١٧٤ من جزئه الرابع في باب لتتبعن سنن من كان قبلكم وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في ص ٨٤ و ٨٩