بكر (رض) ، وبين دعوى نزولها في المغيرة بن شعبة ، وعمرو بن العاص ، أو معاوية بن أبي سفيان ، أو أبي هريرة ، أو مالك بن نويرة ، وأضعاف أمثالهم من الصحابة ، لخلو الدعوتين من الحجة والبرهان ، مع أنّ الظاهر من الآية يقتضي العموم والشمول لكل من آمن ، واتّقى ، وأعطى ، وخلا من الكفر والطغيان ، وتخصيصكم بخصوص الخليفة أبي بكر (رض) تخصيص بلا مخصص ، وترجيحه على غيره ، ترجيح بلا مرجح ، وصرف لمعناه عن الحقيقة ، وحمل له على المجاز ، وكل أولئك لا يصار إليه بغير دليل ، ولا دليل عليه مطلقا.
ثالثا : إنّ الوارد في الحديث الصحيح عند أهل السنّة نزول الآية في أبي الدحداح ، وسمرة بن جندب ، وإنّ الأخير هو الذي بخل ، والأول هو الذي أعطى ، واتّقى ، فهذا الإمام السيوطي يحدّثنا في كتابه (لباب التقول) : (عن ابن أبي حاتم وغيره من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أنّ هذه الآية في أبي الدحداح) أمّا الحكم بن أبان فهو من رجال السنن ، وقد وثقه جماعة من ناقدي الحديث ، وعارفي رجال الإسناد ، من أئمة أهل السنّة كابن معين ، والنسائي ، والعجلي ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وحكى ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير ، وابن المديني ، وأحمد بن حنبل ، وقال ابن خزيمة في صحيحه : «تكلم أهل المعرفة في أنّ حديثه حجّة» انتهى من ص ٤٢٣ من (تهذيب التهذيب) لابن حجر العسقلاني من جزئه الثاني.
وهذا كما ترون لا يدع مجالا لصحّة دعواكم نزولها في الخليفة أبي بكر (رض) وذلك لصحّة ما ورد في نزولها في أبي الدحداح عند أئمة أهل السنّة ، وضعف ما قيل من نزولها في أبي بكر (رض) عند أئمة الجرح والتعديل عندهم ، لذا فإنّه يجب إسقاط الضعيف ، وطرحه