المناقشة في آية (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)
قال : يقول خصومكم إنّ قوله تعالى : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) يعني ثناء حسنا ، ومرتفعا بين الناس ، ولا يعني علي بن أبي طالب (ع) كما عليه جميع أهل التفسير من أهل السنّة.
قلت : ما أبعد هذا المعنى عن ظاهر الآية لا سيّما وهو لا دليل لهم على إرادته من ظاهرها ، وما أشدّ حرص هؤلاء على صرف كل فضيلة ومنقبة لعلي (ع) نزل بها القرآن ، وجاءت بها السنّة عنه (ع) ، ولو كان ذلك نازلا في غيره ، أو واردا في سواه (ع) ، لتلقوه بكل فخر وترحاب ، وإن كان كذبا ، وانتحالا ، وموضوعا لا أصل له ، وبعد فإنّ الله تعالى لم يقل (وجعلنا لهم ثناء حسنا ومرتفعا) لكي يدلّ على ما يزعمون نعم ذلك ما يريده هؤلاء دون الله تعالى الذي أنزلها ، وهو يعلم ما يريد فهو تعالى يريد عليّا (ع) ، وهم يريدون غيره ، ولا يكون إلّا ما يريد الله تعالى ، ولو اجتمع الناس جميعا على خلافه ، فإنّه لا وزن له ولا قيمة وذلك فإنّ اللسان لا يوصف بالعلو ، ولا بالارتفاع في لغة العرب ، ولا يفهم ذلك من لغتهم ، ولا يوصف بالثناء ، ولا بالحسن ، وإنّما يوصف بالصدق ، ولفظ علي في الآية منصوب على أنّه مفعول ثان لكلمة (جَعَلْنا) التي هي من أفعال القلوب و (لِسانَ