وفيه أيضا عن جماعة من حفّاظ أهل السنّة كالطبراني ، وأحمد ، وابن حبان ، وأبي نعيم ، وغيرهم عن علي (ع) أنّه قال :
لقد رأيتنا ليلة بدر ، ما فينا إلّا نائم ، إلّا النبي (ص) فإنّه كان يصلّي إلى شجرة ، ويدعو ويبكي حتى أصبح».
وفي القرآن يقول الله تعالى لنبيّه (ص) في سورة التوبة آية ٧٣ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ ، وَالْمُنافِقِينَ ، وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ).
فكيف يجتمع هذا مع جلوسه في العريش وقد تقدّم قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ)؟ وكيف يجوز لمسلم أن يقول : إنّ رسول الله (ص) خالف ربّه ، وعصى أمره ، ولم يكتف بجلوسه في العريش وحده ، حتى أجلس معه (ص) غيره ، ولم يحرّضهما على القتال ، ولا على جهاد الكفّار ، ولا شك في أن من نسب شيئا من ذلك إلى رسول الله (ص) ، فقد خرج عن دين الله تعالى كليّة.
فتلخص من كل ما ذكرناه أنّ قصة العريش لا أصل لها ، وإنّ واضعيها لم يقصدوا من ورائها إلّا الطعن في قداسة النبي (ص) ، والحطّ من كرامة صاحبيه ، وإخراجهما من صفوف المؤمنين من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
سادسا : إنّ قصة العريش في واقعها غير ممكنة ، ولا معقولة. فهذا ابن حجر الهيتمي يقول في ص ٢٨ من (صواعقه) في الفصل الخامس في ذكر شبه الشيعة من الباب الأول في كيفية خلافة أبي بكر (رض) فقد أخرج البزاز في مسنده :
عن علي (ع) أنّه قال : «أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا : أنت. قال أما أنا ما بارزت أحدا إلّا انتصفت منه ، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا : لا نعلم. فمن قال أبو بكر إنّه لما كان يوم بدر صنعنا لرسول الله (ص) عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله (ص) ،