عقل ، ولا ضمير ، لأنّه ابن رئيس العشيرة المتوفى ، أو أخوه ، أو ابن عمه ، أو لأنّه مشارك لهم في ارتكاب الموبقات ، وموافق لهم في اقتراف الآثام ، وهذا شيء ثابت بالوجدان ، في كثير من رؤساء العشائر في مختلف البلدان ، بمختلف الأزمان ، مما لا سبيل إلى إنكاره.
وأي أثر يا ترى لاتفاق الكبار ، وكثرتهم؟ وأي دليل فيه على صوابهم والقرآن يندد به ويبطله بقوله تعالى في سورة هود (ع) آية ١٧ : (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) وقال تعالى في سورة المؤمنين آية ٧٠ : (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) وقال تعالى في سورة الزخرف آية ٧٨ : (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)؟ إلى كثير من أمثال هذه الآيات التي تقدم ذكر بعضها في أوائل هذا الكتاب ، الصريحة في أنّ الحق والهدى لا يدوران مدار اتفاق الكبار وكثرتهم ، بل هم على الأغلب دليل على الضلال والفساد كما نطقت به الآيات.
بطلان احتجاج الخصوم بغير ما أجمع الفريقان على صحة الاحتجاج به
والغريب منكم في هذه البحوث إنّكم لم تذكروا لنا نزول آية ، أو ورود رواية ، في فضل الخلفاء الثلاثة (رض) أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) ، خاصة ، وفي طلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبي عبيدة بن الجراح ، قد أجمع الفريقان من الشيعة وأهل السنة على صحة نزولها وورودها فيهم ، ليكون لكم دليلا منطقيا على إثبات ما تشاءون إثباته من أمر فضلهم ، وصحة خلافتهم ، ويكون من دليل البرهان الذي يلزم خصمكم النزول عنده ، والأخذ به ، لثبوت حجيته بذلك عليه ، وإنّما اقتصرتم في ذلك على خصوص ما ورد من طريقكم ، مع وجود ما يخالفه ويعارضه في