قلت : كيف يمكن أن يكون حديث المنزلة من آحاد الخبر وقد حكاه أهل الصحاح جميعا واتّفقوا على صدوره من النبي (ص)؟ وهل للتواتر معنى غير هذا عندكم لا سيما إذا أضفتم إلى ذلك إجماع الشيعة واتّفاقهم معكم على صدوره؟ ولو سلمنا لكم جدلا أنّه من آحاد الخبر ، فهو مع ذلك حجّة على أهل السنّة إلزاما لهم بما ألزموا به أنفسهم من حجيّة آحاد الخبر في إثبات الإمامة ، وحينئذ فلا يجب علينا الاحتجاج بالمتواتر من الحديث عليكم في إثباتها.
العام المخصوص حجة في الباقي
قال : يقول ابن حجر في (صواعقه) إنّ العام المخصوص غير حجّة في الباقي ، أو حجة ضعيفة ، وعموم حديث المنزلة قد خصّ باستثناء النبوّة فلا يكون حجة في الباقي ، وحجيّته ضعيفة ، لذا فلا ينهض لإثبات ما تدعون.
قلت : إنّ ما قاله ابن حجر لا يدعمه شيء من الدليل ، ومخالف لما عليه المحققون من علماء أصول الفقه من الفريقين ، فقد اتّفقوا على أنّ تخصيص العام لا يخرجه عن الحجية في الباقي إذا لم يكن مخصوصا بأكثر من مدلوله أو لم يكن المخصّص مجملا مفهوما ، أمّا المخصوص بأقلّ من مدلوله كما في حديث المنزلة ، حيث لم يستثن إلّا النبوّة ، فهو حجّة في الباقي لا سيما في المخصص المتصل كما في حديثنا ، وعلى ذلك قول أهل التحقيق في هذا الفن على أنّ قوله مخالف لما هو مبني عليه سيرة العلماء قديما ، وحديثا ، على العمل بالعمومات المخصصة من الكتاب والسنّة حتى اشتهر القول بينهم : «ما من عام إلّا وقد خصّ» فلو جاز ترك العمل بعمومات الكتاب والسنّة بعد تخصيصهما سقط الكتاب والسنّة عن الحجّية ، وانسدّ باب العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، وبطلانه واضح ومن