ومنه حديث أبيّ «وأمّا طعام لم يصنع إلّا لك فإنك إن أكلته إنما تأكل منه بِخَلَاقِك» أى بحظّك ونصيبك من الدّين. قال له ذلك فى طعام من أقرأه القرآن ، وقد تكرر ذكره فى الحديث.
وفى حديث أبى طالب «إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ» أى كذب ، وهو افتعال من الخَلْقِ والإبداع ، كأنّ الكاذب يَخْلُقُ قوله. وأصل الخَلْقِ : التقدير قبل القطع.
ومنه حديث أخت أميّة بن أبى الصّلت «قالت : فدخل علىّ وأنا أَخْلُقُ أديما» أى أقدّره لأقطعه.
وفى حديث أمّ خالد «قال لها أبلى وأَخْلِقِي» يروى بالقاف والفاء ، فبالقاف من إِخْلَاقِ الثّوب تقطيعه ، وقد خَلُقَ الثوب وأَخْلَقَ. وأما الفاء فبمعنى العوض والبدل ، وهو الأشبه. وقد تكرر الْإِخْلَاق بالقاف فى الحديث.
(ه) وفى حديث فاطمة بنت قيس «وأمّا معاوية فرجل أَخْلَقُ من المال» أى خلو عار. يقال حجر أَخْلَقُ : أى أملس مصمت لا يؤثّر فيه شىء.
(ه) ومنه حديث عمر «ليس الفقير الذى لا مال له ، إنّما الفقير الْأَخْلَقُ الكسب». أراد أنّ الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة ، وأنّ فقر الدنيا أهون الفقرين. ومعنى وصف الكسب بذلك أنّه وافر منتظم لا يقع فيه وكس ولا يتحيّفه نقص ، وهو مثل للرّجل الذى لا يصاب فى ماله ولا ينكب ، فيثاب على صبره ، فإذا لم يصب فيه ولم ينكب كان فقيرا من الثّواب.
ومنه حديث عمر بن عبد العزيز «كتب له فى امرأة خَلْقَاءَ تزوّجها رجل ، فكتب إليه : إن كانوا علموا بذلك ـ يعنى أولياءها ـ فأغرمهم صداقها لزوجها» الْخَلْقَاءُ : هى الرّتقاء ، من الصّخرة الملساء المصمتة.
وفيه ذكر «الْخَلُوق» قد تكرر فى غير موضع ، وهو طيب معروف مركب يتّخذ من الزّعفران وغيره من أنواع الطّيب ، وتغلب عليه الحمرة والصّفرة. وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنّهى عنه ، والنّهى أكثر وأثبت. وإنّما نهى عنه لأنه من طيب النّساء ، وكنّ أكثر استعمالا له منهم. والظاهر أنّ أحاديث النّهى ناسخة.