وقد ذم المقلدين في كتابه العزيز بقوله : (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً) كما ذم من يتبع ظنونه ورجمه بالغيب فقال : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ).
والحقيقة أن العقول هي التي فرضت علينا النظر في الخلق ومعرفة خالق الكون كما فرضت علينا النظر في دعوة النبي وإمامة الامام والوصي ، فلا يصح عند الشيعة تقليد الغير في ذلك مهما كان ذلك الغير منزلة وخطرا وشأنا.
قال العلامة (قدسسره) في باب الحادي عشر : اجمع العلماء كافة على وجوب معرفة الله وصفاته الثبوتية والسلبية والنبوة والإمامة والمعاد بالدليل لا بالتقليد ، وقد اجمع العلماء قاطبة أيضا على ان اصول الدين لا يكفي فيها الظن وإن وصل إلى رتبة الاطمئنان وتآخم العلم والاعتقاد ، وأن المعرفة واجبة ، وهي عند الشيعة أصلية ومأخوذة من قول الامام علي بن أبي طالب «اوّل الدين المعرفة» وبناء على هذا فان الواجب يقضى بأن تجيء المعرفة بأصول الدين الخمسة عن طريق الدليل والايمان العقلي. وجاء في ذم التقليد أيضا قوله تبارك وتعالى (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) وقوله (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) وقوله (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ).
عقائد الامامية في التقليد في الفروع
اما فروع الدين ـ وهي أحكام الشريعة المتعلقة بالأعمال ـ فلا يجب فيها النظر والاجتهاد ، بل يجب فيها اذا لم تكن من الضروريات في الدين الثابتة بالقطع كوجوب الصلاة والصوم والزكاة والخمس والحج والجهاد وغير ذلك من الفروع أحد امور ثلاثة : يجتهد وينظر في أدلة الأحكام اذا كان اهلا لذلك ، واما أن يحتاط في اعماله اذا كان يسعه الاحتياط ، واما ان يقلد المجتهد الجامع للشرائط