يعرف فيها بعد الله إلا من هو وسيلة بين الله وبينه من ارتزاقه الذي هو مكلف به تكليفا طبيعيا من حيث أنها وسيلة لا غير وهذا معنى الرسالة فبكاؤه في هذه المدة بالحقيقة شهادة بالرسالة وأربعة اخرى يعرف ابويه وكونه محتاجا إليهما في الرزق فبكاؤه توسل إليهما والتجاء بهما فبكاؤه فيها دعاء لهما بالسلامة والبقاء في الحقيقة.
قال رسول الله (ص) أيضا
كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ولهذا جعل الناس معذورين في تركهم اكتساب المعرفة بالله تعالى متروكين على ما فطروا عليه مرضيا عنهم بمجرد الاقرار بالقول ولم يكلفوا بالاستدلالات العلمية في ذلك قال نبينا الاكرم أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ولهذا أمرت الأنبياء (ص) بقتل من انكر وجود الصانع فجأة بلا استتابة ولا عتاب لأنه ينكر ما هو من ضروريات الامور وفي قوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) اشارة لطيفة الى ذلك فانه سبحانه استفهم منهم الاقرار بربوبيته لا بوجوده تعالى تنبيها على انهم كانوا مقرين بوجوده في بداية عقولهم وفطرة نفوسهم.
وسئل بعض أهل المعرفة عن الدليل على اثبات الصانع فقال لقد اغنى الصباح عن المصباح.
أقول ويمكن ادعاء أن وجود الصانع فطرى بالنسبة الى البهائم وسائر الحيوانات فضلا عن افراد الإنسان ففي الحديث أن سليمان بن داود خرج يستسقى فمر بنملة ملقاة على ظهرها رافعة قوائمها الى السماء وهي تقول اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب غيرنا فقال سليمان ارجعوا فقد سقيتم بغيركم وفي الأخبار شواهد كثيرة على ذلك يقف عليها المتتبع.
وحكى المفخر الرازي
عن رجل أنه اتفق في بعض الازمنة جدب وقحط شديد فخرج الناس الى