(التكامل في الاسلام الجزء الثالث ص ١١)
الدين امر فطري
منذ أن وجد الانسان على وجه الارض كان يدين بما يمليه عليه عقله من أن لهذا الكون موجدا وخالقا مدبرا خلق الانسان بهذا الشكل الخارق العجيب وخلق قبلا الهواء والماء والنبات لاستقرار حياته فكما ان الله تعالى ألهم الانسان أن يستفيد من تجاربه لإدامة حياته فيأوى الى الكهف لاتقاء البرد او يلبس من جلود الحيوانات ويجرب الامور البسيطة من الزراعة والصناعة كذلك ألهمه أن يفكر في تلك القدرة العظيمة قدرة الله التي لا تتناهى وعظمته التي لا تحد (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) (سورة الروم ٣٠).
وقد اثبتت الحفريات والآثار أن الدين قد رافق الانسان منذ بدء الخليقة يقول الاثري الدكتور سليم حسين دلت البحوث العلمية البحتة حتى الآن على أن لكل قوم من اقوام العالم عامة مهما كانت ثقافتهم منحطة دينا يسيرون على هديه ويخضعون لتعاليمه يقول الفيلسوف اليوناني الكبير سو قراط يشعر الانسان بحاجته الماسة الى الهواء والماء والطعام وكذلك تشعر روحه أنها في حاجة مبرمة أيضا الى غذاء روحي وهذا الشعور هو في عرفنا الدين الذي اهتدى إليه اوّل انسان يدلك على ذلك إننا اذا تتبعنا حياة طفل أتينا به من أقاصي البلاد المتوحشة وتركناه يترعرع بدون أن نلقنه عقيدة دينية مهما كان نوعها فانك لتجده عند ما يصبح رجلا كامل الشعور يتحرى في اعماق تفكيره عن شيء مجهول ويظل باحثا منقبا تحت تأثير عامل نفسي وغريزى حتى يعثر على بادرة تكون في اوّل امرها مائعة اللون تتمزكه في دماغه ثم لا تلبث حتى تتجسم وتتخذ شكلا صوفيا بارزا يأخذ في التطور رويدا رويدا الى الشيء الذي نسميه عقيدة أو دينا لأن هنالك ضرورة خفية وقوية تدفعه الى هذا التدرج حتى يصل الى النوع الذي يحلو له للعبادة.
يقول المؤرخ الاغريقى الشهير بلو تارك منذ نحو ٢٠٠٠ سنة من الممكن أن