الثامن أنه لو لم يكن معصوما لانتفى الوثوق بقوله ووعده ووعيده فلا يطاع في اقواله وافعاله فيكون إرساله عبثا.
التاسع أنه (١) يقبح من الحكيم أن يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطاء فيجب كونه معصوما لأنه يجب صدقه إذ لو كذب والحال إن الله أمرنا باطاعته لسقط محله عن القلوب فتنتفى فائدة بعثته وقد استقصي الكلام في عصمة الأنبياء في تنزيه الأنبياء لعلم الهدى ومصابيح الأنوار لشبر.
والعمدة في ثبوت العصمة الأخبار المتظافرة عن أهل البيت من أن الأنبياء معصومون وتنزيههم عن ذلك واجماع الفرقة المحقة وما ورد في ظاهر الكتاب والسنة من نسبة الذنوب والمعاصي الى الأنبياء والأئمة فله محامل صحيحة عديدة وتأويلات سديدة مذكورة في مظانها.
ومنها أن الأنبياء لما كانوا مستغرقين في طاعة الله عزوجل ومراضيه ويعلمون انهم بمرأى من الله ومسمع ومطلع على ظواهرهم وبواطنهم وسرائرهم وعلانيتهم فاذا اشتغلوا احيانا عن ذكر ربهم لبعض المباحات زيادة على القدر الضروري عدوا ذلك ذنبا ومعصية في حقهم واستغفروا منه فان حسنات الابرار سيئات المقربين
لا اختيار للخلق في اختيار الواسطة نبيا كان او إماما
حيث ثبت وجوب عصمة الواسطة نبيا كان او إماما.
فلا خيرة للخلق حينئذ في اختياره بلا خلاف في النبي وخالف العامة في ذلك بالنسبة إلى الامام والفرق بينهما تحكم لأن العصمة من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها إلا علّام الغيوب فيمكن أن يكون ما نراه صالحا طالحا لأنهم لا يعلمون والله يعلم المفسد من المصلح فقد رأينا مثل موسى نبي الله من أولى العزم قد اختار من قومه سبعين فاوحى الله إليه انهم فاسقون كما نطق بذلك القرآن المجيد فكيف لسائر الناس بمعرفة الصالح من الطالح ولقوله تعالى (وربك يخلق
__________________
(١) حق اليقين تأليف العلامة شبر ص ٩٢.