الجسد او جزء من الجسد لكان اللازم أن تضطر في كل سبع سنين الى تجديد كل ما علمنا وتعلمناه سابقا.
والوجدان عندنا أن تجدد المادة المتواصل لم يندثر بسببه التفكر والتذكر منا ولم يحدث أدنى تغيير في ذاكرتنا ولم تخب أي شعلة من علومنا ومعارفنا ، وهو أقوى دليل على وجود قوة فينا مدركة شاعرة مجردة عن المادة باقية بذاتها مستقلة في وجودها بقيمومية مبدئها محتاجة الى آلاتها المادة في تصرفها متحدة معها في أدنى مراتبها ، وان دثور المادة لا يستوجب دثورها ولا دثور شيء من كمالاتها وملكاتها ولا من مدركاتها ولا من معلوماتها ، كيف لا ولا تزال تخطر على بالنا في وقت الهرم امور وقعت لنا أيام الشباب بل أيام الصبا وما قبلها.
وكيفما كان فان من الوضوح بمكان أن كل ما فينا يؤيد ثبات شخصيتنا وعدم تغيرها مع تغير وتبدل جميع ذرات أجسامنا.
شبهة الآكل والمأكول في معاد الجسد
ان كسرة الخبز التي نأكلها وقطعة اللحم التي نمضغها وتدخل في جوفنا تعتور عليها عدة صور تخلع صورة وتلبس أخرى من الكيموس إلى أن تصير دما ثم توزعه حكمة الله فتجعل من ذلك القدم لحما وعظما وشحما وعصبا وكبدا وقلبا وطحالا الى آخر ما يحتوي ، ويتكون منه هذا الهيكل الانساني والجسد الحيواني فكيف نشأ من هذه الكسرة سبعون نوعا من الأنواع المختلفة والاجناس المتباينة فأين العظم من اللحم واين الشحم من الغاز واين الغاز من المخ واين المخ من الشعر وهكذا وهلم جرا؟ كل هذا تكون من لقمة الخبز.
كل هذه الانواع مندمجة مطوية أم انقلبت وتحولت من صورة الى صورة ومن حقيقة إلى أخرى ، ومهما قيل فيها فان تلك اللقمة التي تدخل في جوفنا وتنصرف بها المشيئة تلك التصاريف المتنوعة لم تدخل هي في كياننا ولم تصر جزءا من أجسامنا ، بل تطورت عدة اطوار وتعاودتها صورة بعد صورة ودخلت في