ثالثا : قالوا ان في القرآن من الآيات ما يثبت إن الله تعالى هو خالق العباد وخالق أفعالهم ، وان الحسنات والسيئات آتية من الله تعالى وكلها من عنده ، ومن تلك الآيات قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) الصافات / ٩٦. (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) النساء / ٧٨. وهكذا تمسكوا بقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ابراهيم / ٤ وقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ، وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) النحل / ٩٣. وغيرها من الآيات التي وردت فيها كلمة الهدى والضلال كما سيأتي في بيان الردّ لهذا الفريق من المسلمين.
بطلان الجبر :
وقالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية بالاختيار وهو أن الله تعالى كلف عباده بما يريد ونهاهم عما لا يريد بعد ان أقام الحجة وأوضح لهم الدليل وهداهم إلى ما يريده منهم وما نهاهم بعد أن أعطاهم القوة على فعل الشيء وتركه واستدلوا على رأيهم هذا بقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) الإنسان / ٣. (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) البلد / ٨. (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة / ٢٥٦. (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف / ٢٩ إلى غير ذلك من الآيات.
وقالوا لو كان الله تعالى يجبر بعض عباده على فعل الشر والكفر والقبيح ويجبر البعض الآخر على الهدى والإيمان والخير لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد ولتساوى المؤمن والكافر بالطاعة ، لأن كل واحد منهما يفسد إرادة الله تعالى ولا يخالف أمره وثبت إن الله تعالى يريد الشيء ويكره ، يأمر بفعل وينهي عنه ويرغم الكافر على الكفر ويعاقبه عليه ويجبر المؤمن على الايمان ليثيبه عليه.