الإمام عليهالسلام إن أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة ، إما أن تكون من الله خاصة أو من الله تعالى ومن العبد على وجه الاشتراك أو تكون من العبد خاصة ، فلو كانت من الله تعالى خاصة ، كان الله أولى بالحمد على صنعها والذم على قبحها ولم يتعلق بغيره حمد ولا لوم ، وإن كانت من الله تعالى ومن العبد على وجه الاشتراك كان الحمد لهما والذم عليهما معا ، وإذا بطل الوجهان ثبت أنها من العبد ، فإن عاقبه الله تعالى على جنايته بها فله ذلك ، وإن عفى عنه فهو أهل التقوى والمغفرة.
بطلان التفويض :
التفويض له معان ، الاول : تفويض الله الأمر إلى العباد بحيث لا يكون لأوامره تعالى ونواهيه وبواعثه وزواجره وتوفيقه وإحسانه وتأييده وتسديده وخذلانه مدخل فيه ويلزم إخراج القادر المطلق عن سلطانه ونسبة العجز الظاهر إلى من لا يدخل النقص في شأنه. الثاني : هو رفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال. الثالث : هو تفويض أمر الخلق والرزق إلى بعض عباده كما ذهب إليه المفوّضة وكل أقسامه باطلة عقلا ودينا ، فالعقل والكتاب ـ القرآن والسنة المحمدية وإجماع المسلمين على خلافه.
أما دليل بطلانه عقلا فهو لو صح التفويض لكان الله تعالى بعد أن خلق الخلق ومكنهم من أفعالهم عجز عن تدبير أمرهم وإدارة شئونهم ، ففوّض خلقه بذلك وهذا يثبت عجز الخالق وقدرة المخلوق ، وقد سبق إنا أثبتنا أن واجب الوجود لذاته لا يتصف بالعجز لأن العجز يجعله في عداد الممكنات أي المخلوقات المفتقرة إلى الكمال.
أما إبطاله بالكتاب والسنة فهو لا يحتاج إلى دليل لاشتمالهما على أوامر الله تعالى ونواهيه التي حددت للعباد أعمالهم وإلزامهم بفعل ما هو حسن ومنعهم من القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد ، ولم يكن الله تعالى في تمكين عباده