والذي يفعل العبث بلا حكمة وغرض سفيه تعالى الله عن ذلك ، وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ، سبحانك ما خلقت هذا باطلا ، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، والحديث الشريف كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف.
وذلك الغرض والنفع غير راجع إليه تعالى لأنه غني عن العالمين ، وإنما هو راجع إليهم بتحصيل الثواب في الجنان والرضوان والتخلص من العقاب والخسران ولا نقص في ذلك على الله تعالى فإنه تام في حدّ الذات وكامل من جميع الجهات وزعمت الأشاعرة أنه لا يجوز أن يفعل شيئا لغرض من الأغراض ولا لمصلحة ، ويجوز عليه أن يؤلم العبد بغير مصلحة ولا غرض تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
عقيدة الامامية في البداء :
قد ذكرنا في الجزء الأول من عقائد الإمامية أنه قد أجمعت الأنبياء وأئمة الدين طرا على تحقق البداء بالسنة إلى الله تعالى ، وفي الكافي عن مولانا الصادق عليهالسلام ما عظم الله بمثل البداء ، وفيه عنه عليهالسلام إن لم يبعث نبيا قط إلا صاحب سيرة صافية ، فما بعث الله نبيا قط حتى يقول له بالبداء ، وعنه عليهالسلام في خبر هشام ما عظم الله وما عبد الله بشيء بمثل البداء ، وعنه عليهالسلام لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه الخبر.
فلباب القول في معنى البداء :
هو بقاء اختياره تعالى بعد حدوث الأشياء كثبوت الاختيار له تعالى عند حدوثها ، فكما أنه تعالى قبل إيجاد الأشياء له أن يختار الإيجاد ، وله أن يختار العدم ، فكذا بعد الإيجاد له أن يختار الإبقاء ، وله اختيار عدم البقاء ، ففي كل آن هو في شأن من الإيجاد بالنسبة إلى ما لم يوجد بعد والإبقاء بالنسبة إلى ما وجد.