في وقت الهرم امور وقعت لنا أيام الشباب بل أيام الصبا وما قبلها وكيفما كان فإن من الوضوح بمكان أن كل ما فينا يؤيد ثبات شخصيتنا وعدم تغيرها وتبدل جميع ذرات أجسامنا.
شبهة الآكل والمأكول في معاد الجسد :
وشبهة الآكل والمأكول ـ يدفعها من كان من فحول ـ كما قال السبزواري أن كسرة الخبز التي نأكلها وقطعة اللحم التي نمضغها وتدخل في جوفنا تقرر علينا بمدة صورة تخلع صورة وتلبس أخرى من الكيموس الى أن تصير دما ثم توزعه حكمة الله فتجعل من ذلك الدم لحما وعظما وشحما وعصبا وكبدا وقلبا وطحالا الى آخر ما يحتوي ويتكون منه هذا الهيكل الانساني والجسد الحيواني فكيف نشأ من هذه الكسرة تسعون نوعا من الانواع المختلفة والأجناس المتباينة فأين العظم من اللحم وأين الشحم من الغاز من المخ وأين المخ من الشعر وهكذا وهلمّ جرا كل هذا تكون من لقمة الخبز كل هذه الأنواع مندمجة أم انقلبت وتحولت من صورة الى صورة ومن حقيقة الى اخرى ومهما قيل فيها فإن تلك اللقمة التي تدخل في جوفنا وتتصرف بها المشية تلك التصاريف المتنوعة لم تدخل هي في كياننا ولم تصر جزءا من أجسامنا بل تطورت عدة أطوار وتعاقبها صورة بعد صورة ودخلت في معامل ميكانيكية وتحليلات كيماوية الى أن بلغت هذه المرحلة ونزلت في أجسامنا بتلك المنزلة.
وأن ما يرد من الاعتراض على إمكان بعث الإنسان الى الحياة روحا وجسدا واستحالة معادته على هيكله السابق بسبب ما يتداخل من كل جسم في جسم آخر مما يتعذر به معاقبة المذنب وقد شاركت في جسده أجزاء من جسد الصالح أو مكافأة الصالح جسدا وقد شاركت في تكوين جسده أجزاء من جسد الطالح فإن مثل الاعتراض يرده بما مر من التفاعلات والتحليلات ويضرب المثل بقوله فلو أن مؤمنا أكل كل لحم في بدن الكافر أو أكل الكافر كل لحم في بدن