المؤمن فلا لحم الكافر صار جزءا من بدن المؤمن ولا لحم المؤمن دخل في بدن الكافر بل اللحم لما دخل في الفم وطحنه الانسان وهو الهضم الأول زالت الصورة اللحمية منه وارتحلت الى رب نوعها (حافظ الصور) واكتسبت المادة صورة اخرى وهكذا صورة بعد صورة.
ومن القواعد المسلمة عند الحكماء بل عند كل ذي لب أن شبه الشيء بصورته لا بمادته فأين إذن تقع شبهة الآكل والمأكول؟
ويزيد هذا وضوحا أن جميع المركّبات العنصرية يطرد فيها ذلك الناموس العام ناموس التحول والتبدل والدثور والتجدد انظر حبة العنب مثلا فهل هي إلا ماء وسكر وهل فيها شيء من الخمر أو الخل أو الكحول ولكنها بالاختمار تصير خلا ثم خمرا ثم غازا أو بخارا وهكذا أترى أن العنب صار جزءا من الخل والخل صار جزءا من الخمر إذن فمن أين تجيء شبهة الآكل والمأكول كما (في الفردوس الأعلى) لشيخنا المصلح الأكبر الكاشف الغطاء (ره).
فلسفة المعاد :
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ).
هكذا يخاطبنا الله تعالى في كتابه الكريم. فمن شاهد هذه القوانين المحكمة الرصينة في عالم الوجود عالم الذرة (اتوم) وعالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الانسان في الفيزياء والكيمياء والفلك العالي وفي علم الأحياء والمتبحرات يقطع بأن الذي رتبها ونظمها لا يلهو ولا يلعب وهو القائل : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ). وفي آية اخرى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). فإذا تتبع الإنسان حياته النفسية في هذه الدنيا وما عليه نفسه من مساوئ أخلاقية : حسد وبغضاء وحقد وغيبة وظلم وبغي وبطش بغير حق ، ثم ما يراه من حيف وظلم وقسوة وجفاء وبهتان وغيرها من آخرين ، وما يرى من تشاجر وتطاحن لامور مادية سخيفة وما يرى من ظلم واستعمار وغصب