النطق والعقل الى محل كانا فيه ثم ان استبعادهم كان من جهة ما في المعاد من التفتت والتفرّق حيث قال : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) اختاروا العظم للذكر لأنه أبعد عن الحياة لعدم الاحساس فيه ، ووصفوه بما يقوي جانب الاستبعاد من البلى والتفتت والله تعالى دفع استبعادهم من جهة ما في المعيد من العلم والقدرة فقال : ضرب لنا مثلا أي جعل قدرتنا كقدرتهم ونسي خلقه العجيب وبدنه الغريب ومنهم من ذكر شبهة وان كان آخرها يعود الى مجرد الاستبعاد وهي أنه بعد العدم لم يبق شيء فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود وأجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله : (الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعني كما خلق الانسان ولم يكن شيئا مذكورا كذلك يعيده وان لم يكن شيئا مذكورا.
شأن نزول الآية الكريمة :
قال المفسرون : نزلت هذه الآية في أبي بن خلف خادم رسول الله ، وأتاه بعظم قد رمّ وبلي ففته بيده وقال : يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما رم؟ فقال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم ويبعثك ويدخلك النار (وهذا مما يقلع عرق التأويل بالكلية) ولذلك قال الفخر الرازي : الانصاف أنه لا يمكن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي وبين انكار الحشر الجسماني (قلت ولا الجمع بين القول بقدم العالم على ما يقوله الفلاسفة وبين الحشر الجسماني ، لأن النفوس الناطقة على هذا التقدير غير متناهية فيستدعي حشرها جميعا ابدانا غير متناهية وأمكنة غير متناهية وقد ثبت تناهي الابعاد بالبرهان).
قوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) سورة الأنبياء. وقوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) سورة الزمر ٦٨. وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا