في سورة الواقعة ردا على منكري المعاد : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ).
ووجه الاستدلال بها على ما في تفسير الفخر الرازي : ان المني يحصل من فضلة الهضم الرابع وهو كالظل المنبث في أطراف آفاق الاعضاء ، ولهذا تشترك الأعضاء في الالتذاذ بالوقاع ويجب غسلها كلها من الجنابة لحصول الانحلال عنها كلها ، ثم ان الله قد سلط قوة الشهوة على البنية حتى انها تجمع تلك الأجزاء الظلية المتفرقة في أوعية المني ، فالحاصل ان تلك الأجزاء كانت مفترقة جدا ، أولا في أطراف العالم ثم انه أخرجها ماء دافقا الى قرار الرحم ، فاذا كانت هذه الأجزاء متفرقة فجمعها وكوّن منها ذلك الشخص ، فاذا تفرقت بالموت مرة اخرى فكيف يمتنع عليه جمعها مرة اخرى.
فهذا تقرير هذه الحجة في هذا المنهج ومن هذا النهج قوله تعالى في سورة الحج : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) الى قوله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً ، ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقال تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) وقال تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) وتارة بيّن تعالى قدرته على المعاد بذكره مرتبا على ذكر المبدأ اشارة الى ان القادر على الايجاد قادر على الاعادة ، كما قال تعالى في البقرة : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) وقال تعالى في الروم : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) وقال تعالى في ياسين (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) وتارة أسدل تعالى على البعث والحشر من جهة وجوب المجازاة واثابة المحسن وتعذيب العاصي وتميزها عن الآخر ليتم عدل الله وحكمته في العباد اذ لو لا الحساب والعقاب والجزاء والثواب للزم الجور وبطل العدل وضاعت الحقوق عن اربابها واستقرت الظلامات على اصحابها ولم يبق فرق بين