احسان المحسن واساءة المسيء ، بل لكان النفع ضرا والضر نفعا ، فان الخير والإحسان في أغلب الازمان يوجب المشقة والمضرة ونقصان القوة والمال وفوات اللذة بحسب الدنيا والشر والاساءة فلا بد من نشأة اخرى تقع فيها المجازاة على اعمال الناس والانتقام للمظلومين من الظالمين وايصال ذوي الحقوق الى حقوقهم.
وقد أشار تعالى الى هذا المضمون في مواضع منها في يونس قال تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ). وقال تعالى في طه : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى). وقال تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى). وقال تعالى في سورة ص : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ. أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).
وتارة استدل تعالى بإحياء الموتى في الدنيا على صحة الحشر والنشر في الآخرة كما في خلق آدم ابتداء من غير مادة لأب وام ، ومنها قوله تعالى في البقرة : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) ، ومنها في قصة الخليل وقوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ، قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) ، ومنها في قصة حزقيل وقوله : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) ، ومنها في قصة أصحاب الكهف وقوله تعالى : (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) ، ومنها في قصة أيوب وقوله : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) ، وغيرها من الآيات التي وردت في القيامة والمجازات والبعث (٨٥١ آية).
قال المحقق الدواني (ره) أعلم أن المعاد الجسماني :
مما يجب الاعتقاد به ويكفر منكره. أما المعاد الروحاني : أعني التذاذ النفس بعد المفارقة وتألمها باللذات والآلام العقلية فلا يتعلق التكليف باعتقاده ،