ويلي هذه المدينة النهر وهو أهم من السابقتين فلو رأيته لأدهشك ما فيه من العجب فإنك تراه نهرا عظيما متلاطم الأمواج وهذا النهر ليس كالأنهار يجري على شبه استقامة بل هو ملتو ثلاث كما تلتوي الحيات من ناحية ومن الناحية الاخرى ملتف كما تلتف القوقعة وتجد من مائه كرات كثيرة من الحجارة وآلات برقية تلغرافية تبلغ ثلاثة آلاف نبتة من الجهة التي تشبه القوقعة وعلى شواطئ البحر تجد أسلاكا اخرى برقية (تلغرافية) ووراء هذا البحر الملك وعنده أصحاب البريد ينبشون جهة الأسلاك البرقية على الشاطئ وجهة الأسلاك التي في البحر وترى اولئك الرسل الذين يأتون المدينة الاولى يرسلون الأخبار الخارجية الى المحطة الاولى في المدينة الثانية ومنها الى الثانية ومن الثانية الى الثالثة ثم تنقل الأخبار الخارجية الى البحر خلفهما فتنقل في تلك الأسلاك التي هي ثلاثة آلاف بعد مرورها على تلك الكرات الحجرية النافعة لحفظها ويتلقفها رسل الملك المنبثون في تلك الجهات وبذاك يعرف أخبار الممالك الاخرى ، هذه هي أوصاف الاذن.
أما المدينة الاولى فهي التي يسمونها الاذن الظاهرة المؤلفة من الصوان الذي يجمع أمواج الصوت ومن الصماغ السمعي الظاهر وهو خرق الاذن الذي يؤدي تلك الأمواج الى الاذن المتوسطة وطوله نحو قيراط.
وأما الأفواج التي ترد عليها فهي الحروف الهجائية ومركباتها وأصوات الغناء والألحان وكل ما يسمع وهذه لا حصر لعدّها.
وأما المدينة الثانية فهي الاذن المتوسطة أو الطبلة وهي تجويف بين الاذن الظاهرة والباطنة وتنفصل عن الظاهرة بالغشاء الطبلي.
وأما الأماكن الثلاثة التي للبريد فهي ثلاث عظمات دقيقة يتصل بعضها ببعض تسمى احداها المطرقة والثانية بالسندان والثالثة بالركاب للمشابهات التي بينها وبين هذه الثلاثة.