الثاني :
الخبر المتواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لمّا نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (١) خطب الناس في غدير خم ، وقال للجمع كلّه : أيّها الناس ، ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله!
فقال له عمر : بخ بخ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. (٢)
والمراد بالمولى هنا الأولى بالتصرّف ، لتقدّم التقرير منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : ألست أولى منكم بأنفسكم؟
الثالث :
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.
أثبت له جميع منازل هارون من موسى للاستثناء ، ومن جملة منازل هارون أنّه كان خليفة لموسى ، ولو عاش بعده لكان خليفة أيضا ، وإلّا لزم تطرّق النقص إليه ، ولأنه خليفة مع وجوده وغيبته مدّة يسيرة ، وبعد موته وطول الغيبة أولى بأن يكون خليفته.
__________________
٢ : ٢١٦ ، كما في الغدير ٢ : ٢٧٨ ، والنسائي في خصائصه : ٨٦ ـ ٨٧ ، وأخرجه الكنجي الشافعي في الكفاية : ٢٠٤ ـ ٢٠٧ / الباب ٥١ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ١٣ : ٢١٠ ، والحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٤٨٦ / الحديث ٥١٤ ، ثم قال : وقد ورد عن أنس بن مالك ، وورد في الباب عن سلمان الفارسي.
وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٨ : ٣٠٢ ، والقندوزي في الينابيع ١ : ٣١١ ـ ٣١٢ الباب ٣١ ـ الحديث ١ ، والخوارزمي في مناقبه : ١٢٥ ـ ١٢٦ / الفصل ١٢ ـ الحديث ١٤٠.
وهذا غيض من فيض ، وقد ذكر العلّامة صاحب الغدير بعض مصادره وألفاظه في الغدير ٢ : ٢٧٨ ـ ٢٨٤.
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) حديث الغدير من الأحاديث المتواترة التي أفاضت كتب الفريقين بتناقلها ، وقد ذكرها أعلام المؤرخين والمحدّثين والمفسّرين والمتكلّمين.
انظر الغدير ١ : ٦ ـ ٨ ، وفضائل الخمسة ١ : ٣٤٩ ـ ٤٠٦ ، وكفاية الطالب : ٥٠ ـ ٦٥ / باب ١ في بيان صحّة خطبته صلىاللهعليهوآله بماء يدعى خمّا.