فانظر إلى من يغيّر الشريعة ويبدّل الأحكام التي ورد بها (١) النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويذهب (٢) إلى ضدّ الصواب ؛ معاندة لقوم معيّنين ، هل يجوز اتّباعه والمصير إلى أقواله؟ مع أنّهم ابتدعوا أشياء اعترفوا بأنّها بدعة ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : كلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة فإنّ مصيرها إلى النار (٣) ؛ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد عليه (٤) ، ولو ردّوا عنها كرهته نفوسهم ونفرت قلوبهم ، كذكر الخلفاء في خطبتهم ، مع أنّه بالإجماع لم يكن في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا في زمن أحد من الصحابة والتابعين ، ولا في زمن بني أميّة ، ولا في صدر ولاية العباسيّين ، بل هو شيء أحدثه المنصور لما وقع بينه وبين العلويّة ، فقال : والله لأرغمنّ أنفي وأنوفهم ، وأرفع عليهم بني تيم وعدي ، وذكر الصحابة في خطبته ، واستمرّت هذه البدعة
__________________
ـ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يتختّم في يمينه والخلفاء بعده ، فنقله معاوية إلى اليسار ، فأخذ المروانيّة بذلك ، ثمّ نقله السفّاح إلى اليمين فبقي إلى أيّام الرشيد ، فنقله إلى اليسار ، فأخذ الناس بذلك.
وروي عن عمرو بن العاص أنّه سلّه يوم التحكيم من يده اليمنى وجعله في اليسرى ، وقال : خلعت عليّا من الخلافة كما خلعت خاتمي من يميني ، وجعلتها إلى معاوية كما أدخلت خاتمي في يساري.
ثم روى الزمخشري في ربيع الابرار ٥ : ٢٤ عن عائشة أنّها قالت : كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يتختّم في يمينه ، وقبض صلىاللهعليهوآله والخاتم في يمينه. وروى في ص ٢٨ عن جابر بن عبد الله ، قال : تختّم رسول الله صلىاللهعليهوآله في يمينه.
(١) في «ش ١» : أوردها.
(٢) في «ش ٢» : وذهب.
(٣) بحار الأنوار ٢ : ٤٠١ عن أمالي الطوسي ، بسنده عن جابر بن عبد الله : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال في خطبة له إنّ أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ بدعة محدثة ، وكلّ بدعة ضلالة ... الحديث.
وفي ٢ : ٣٠٩ منه ، عن مجالس المفيد ، بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، قال : صعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر فتغيّرت وجتناه والتمع لونه ، ثمّ أقبل بوجهه فقال : أيّها المسلمين ، إنّما بعثت أنا والساعة كهاتين ـ قال : ثمّ ضمّ السبّاحتين ـ ثم قال : يا معشر المسلمين ، إنّ أفضل الهدى هدى محمّد ، وخير الحديث كتاب الله ، وشرّ الأمور محدثاتها ، ألا وكلّ بدعة ضلالة ، ألا وكلّ ضلالة ففي النار ... الحديث.
(٤) المبسوط للسرخسيّ ٢ : ٤٠.