بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال أبو الحسن على بن اسمعيل النحوى اللغوى الاندلسى المعروف بابن سيده
الحمدُ للهِ المُمِيتِ ذى العِزَّةِ والمَلَكوتِ مُلْهِمِ الاذهانِ الى الاستدلالِ على قِدَمِه ومُعْلِمِها أنّ وُجودَه لم يَكُ واقعاً بعد عَدَمِه ثُمَّ مُعْجِزِها بعظيمِ قُدْرتهِ على ما مَنَحها من لَطيفِ الفِكْره ودقيقِ النظرِ والعِبْره عن تَحْدِيدِ ذاتهِ وإدراكِ مَحْمولانِه وصِفاتِه نَحْمَدُه على ما ألْهَمَنا اليه وفَطَرَ أنْفُسَنا عليه من الاقرارِ بأُلوهيتهِ والاعترافِ بِرُبُوبِيَّتِه ونسألهُ تَخْليصَ أنفُسِنا حتى يُلحِقَنا بعالَمِهِ الافْضلِ لَدَيْه وبِجِوَارِه الازْلَفِ الَيْه ثم الصلاةُ على عبدِه المُصْطَفَى ورسولهِ المُقْتفَى سِراجِنا النَيّرِ الثاقِب ونبيِّنا الخاتمِ العاقبِ محمد خِيرةِ هذا العالَم وسيدِ جميعِ وَلَدِ آدم والسلامُ عليه وعلى آلهِ الطَّيِّبينَ المُنْتَخَبِين صَلَّى اللهُ عليه وعليهم أجمعين (أما بعد) فانَّ اللهَ عزوجل لما كرّمَ هذا النوعَ المَوْسُومَ بالانْسان وشَرَّفَه بما آتاهُ من فَضيلةِ النُّطقِ على سائرِ أصنافِ الحَيَوان وجعَل له رَسْمًا يُمَيِّزه وفَصْلا يُبَيِّنُه على جميعِ الأنواعِ فَيَحُوزُه أَحْوَجَهُ الى الكَشْفِ عما يتَصَوَّرُ فى النُّفوسِ من المعَانى القائمةِ فيها المُدْرَكةِ بالفِكرِة ففَتَقَ الأَلْسِنةَ بضُرُوبِ من اللفظِ المحسوسِ لِيَكونَ