الوجدانية لظهورها لا يمكن تحديدها لعدم انفكاكه عن تحديد الشيء بالأخفى والعلم منها ، ولأن غير العلم إنما يعلم بالعلم فلو علم العلم بغيره لزم الدور. وقال آخرون يحد فقال بعضهم إنه اعتقاد أن الشيء كذا مع اعتقاد أنه لا يكون إلا كذا ، وقال آخرون إنه اعتقاد يقتضي سكون النفس وكلاهما غير مانعين.
قال : ويقتسمان الضرورة والاكتساب.
أقول : يريد أن كل واحد من التصور والتصديق ينقسم إلى الضروري والمكتسب يريد بالضروري من التصور ما لا يتوقف على طلب وكسب ، ومن التصديق ما يكفي تصور طرفيه في الحكم بنسبة أحدهما إلى الآخر إيجابا أو سلبا ، وبالمكتسب ضد ذلك فيهما.
المسألة الثالثة عشرة
في أن العلم يتوقف على الانطباع
قال : ولا بد فيه من الانطباع.
أقول : اختلف العلماء في ذلك فذهب جمهور الأوائل إلى أن العلم يستدعي انطباع المعلوم في العالم وأنكره آخرون ، احتج الأولون بأنا قد ندرك أشياء لا تحقق لها في الخارج فلو لم تكن منطبعة في الذهن كانت عدما صرفا ونفيا محضا فيستحيل الإضافة إليها.
واحتج الآخرون بوجهين : الأول أن التعقل لو كان هو حصول صورة المعقول في العاقل لزم أن يكون الجدار المتصف بالسواد متعقلا له والتالي باطل فكذا المقدم ، الثاني أن الذهن قد يتصور أشياء متقدرة فيلزم حصول المقدار فيه فيكون متقدرا والجواب عنهما سيأتي.
قال : في المحل المجرد القابل.
أقول : هذا إشارة إلى الجواب عن الإشكالين وتقريره أن المحل الذي جعلناه عاقلا