المسألة الحادية عشرة
في حسن التكليف وبيان ماهيته ووجه حسنه وجملة من أحكامه
قال : والتكليف حسن لاشتماله على مصلحة لا تحصل بدونه.
أقول : التكليف مأخوذ من الكلفة وهي المشقة. وحده إرادة من تجب طاعته على جهة الابتداء ما فيه مشقة بشرط الإعلام ويدخل تحت واجب الطاعة الواجب تعالى والنبي عليهالسلام والإمام والسيد والوالد والمنعم ويخرج البواقي.
وشرطنا الابتداء لأن إرادة هؤلاء إنما تكون تكليفا إذا لم يسبقه غيره إلى إرادة ما أراده ولهذا لا يسمى الوالد مكلفا بأمر الصلاة ولده لسبق إرادة الله تعالى لها منه.
والمشقة لا بد من اعتبارها ليتحقق المحدود إذ التكليف مأخوذ من الكلفة.
وشرطنا الإعلام لأن المكلف إذا لم يعلم إرادة المكلف بالفعل لم يكن مكلفا.
إذا عرفت هذا فنقول التكليف حسن لأن الله تعالى فعله والله تعالى لا يفعل القبيح ووجه حسنه اشتماله على مصلحة لا تحصل بدونه وهي التعريض لمنافع عظيمة لا تحصل بدون التكليف لأن التكليف إن لم يكن لغرض كان عبثا وهو محال ، وإن كان لغرض فإن كان عائدا إليه تعالى لزم المحال ، وإن كان إلى غيره فإن كان إلى غير المكلف كان قبيحا ، وإن كان إلى المكلف فإن كان حصوله ممكنا بدون التكليف لزم العبث ، وإن لم يمكن فإن كان لنفع انتقض بتكليف من علم الله كفره وإن كان للتعريض فهو المطلوب.
إذا عرفت هذا فنقول الغرض من التكليف هو التعريض لمنفعة عظيمة لأنه تعريض للثواب وللثواب منافع عظيمة خالصة دائمة واصلة مع التعظيم والمدح ولا شك أن التعظيم إنما يحسن للمستحق له ولهذا يقبح منا تعظيم الأطفال والأرذال كتعظيم العلماء وإنما يستحق التعظيم بواسطة الأفعال الحسنة وهي الطاعات ومعنى قولنا إن التكليف تعريض للثواب أن المكلف جعل المكلف على الصفات التي تمكنه الوصول إلى الثواب وبعثه على ما به يصل إليه وعلم أنه سيوصله إليه إذا فعل ما كلفه.