وقد يكون اللطف محصلا وهو ما يحصل عنده الطاعة من المكلف على سبيل الاختيار ولولاه لم يطع مع تمكنه في الحالين وهذا بخلاف التكليف الذي يطيع عنده لأن اللطف أمر زائد على التكليف فهو من دون اللطف يتمكن بالتكليف من أن يطيع أو لا يطيع وليس كذلك التكليف لأن عنده يتمكن من أن يطيع وبدونه لا يتمكن من أن يطيع أو لا يطيع فلم يلزم أن يكون التكليف الذي يطيع عنده لطفا.
إذا عرفت هذا فنقول اللطف واجب خلافا للأشعرية والدليل على وجوبه أنه يحصل غرض المكلف فيكون واجبا وإلا لزم نقض الغرض بيان الملازمة أن المكلف إذا علم أن المكلف لا يطيع إلا باللطف فلو كلفه من دونه كان ناقضا لغرضه كمن دعا غيره إلى طعام وهو يعلم أنه لا يجيبه إلا إذا فعل معه نوعا من التأدب فإذا لم يفعل الداعي ذلك النوع من التأدب كان ناقضا لغرضه فوجوب اللطف يستلزم تحصيل الغرض.
قال : فإن كان من فعله تعالى وجب عليه وإن كان من المكلف وجب أن يشعره به ويوجبه وإن كان من غيرهما شرط في التكليف العلم بالفعل.
أقول : لما ذكر وجوب اللطف شرع في بيان أقسامه وهو ثلاثة : الأول أن يكون من فعل الله تعالى فهذا يجب على الله تعالى فعله لما تقدم ، الثاني أن يكون من فعل المكلف فهذا يجب على الله تعالى أن يعرفه إياه ويشعره به ويوجبه عليه ، الثالث أن يكون من فعل غيرهما فهذا ما يشترط في التكليف بالملطوف فيه العلم بأن ذلك الغير يفعل اللطف.
قال : ووجوه القبح منتفية والكافر لا يخلو من لطف والإخبار بالسعادة والشقاوة ليس مفسدة.
أقول : لما ذكر أقسام اللطف شرع في الاعتراضات على وجوبه مع الجواب عنها وقد أورد من شبه الأشاعرة ثلاثة : الأولى قالوا اللطف إنما يجب إذا خلا من جهات المفسدة لأن جهات المصلحة لا تكفي في الوجوب ما لم تنتف جهات المفسدة فلم لا يجوز أن يكون اللطف الذي توجبونه مشتملا على جهة قبح لا تعلمونه فلا يكون واجبا. وتقرير الجواب أن