أعني اللطف وبدله وأطلق على كل واحد منهما اسم البدل بالنظر إلى صاحبه إذ ليس أحدهما بالأصالة أولى من الآخر وذلك الشرط كون كل واحد منهما حسنا ليس فيه وجه قبح وهذا مما لم تتفق الآراء عليه فإن جماعة من العدلية ذهبوا إلى تجويز كون القبيح كالظلم منا لطفا قائما مقام إمراض الله تعالى. واستدلوا بأن وجه كون الألم من فعله تعالى لطفا هو حصول المشاق وتذكر العقاب وذلك حاصل بالظلم منا فجاز أن يقوم مقامه. وهذا ليس بجيد لأن كونه لطفا جهة وجوب والقبيح ليس له جهة وجوب واللطف إنما هو في علم المظلوم بالظلم لا في نفس الظلم كما نقول إن العلم بحسن ذبح البهيمة لطف لنا وإن لم يكن الذبح نفسه لطفا.
المسألة الثالثة عشرة
في الألم ووجه حسنه
قال : وبعض الألم قبيح يصدر منا خاصة وبعضه حسن يصدر منه تعالى ومنا وحسنه إما لاستحقاقه أو لاشتماله على النفع أو دفع الضرر الزائدين أو لكونه عاديا أو على وجه الدفع.
أقول : في هذا الكلام مباحث : الأول في مناسبة هذا البحث وما بعده لما قبله ـ اعلم أنا قد بينا وجوب الألطاف والمصالح وهي ضربان مصالح في الدين ومصالح في الدنيا أعني المنافع الدنياوية ، ومصالح الدين إما مضار أو منافع ، والمضار منها آلام وأمراض وغيرها كالآجال والغلاء ، والمنافع الصحة والسعة في الرزق والرخص فلأجل هذا بحث المصنف ـ رحمهالله ـ عقيب اللطف عن هذه الأشياء ولما كانت الآلام تستلزم الأعواض وجب البحث عنها أيضا.
البحث الثاني اختلف الناس في قبح الألم وحسنه فذهبت الثنوية إلى قبح جميع الآلام وذهبت المجبرة إلى حسن جميعها من الله تعالى وذهبت البكرية وأهل التناسخ والعدلية إلى حسن بعضها وقبح الباقي.