أبو هاشم نعم لأن الألم المشتمل على المنفعة الموفية في حكم المنفعة عند العقلاء ولهذا لا يعد العقلاء مشاق السفر الموصلة إلى الأرباح مضار وإذا كان الألم في حكم المنفعة صار حصول اللطف في تقدير منفعتين فيتخير الحكيم في أيهما شاء. وأبو الحسين منع ذلك لأن الألم إنما يصير في حكم المنفعة إذا لم يكن طريق لتلك المنفعة إلا ذلك الألم ولو أمكن الوصول إلى تلك المنفعة بدون ذلك الألم كان ذلك الألم ضررا وعبثا ولهذا يعد العقلاء السفر ضررا مع حصول الربح بدونه.
قال : ولا يشترط في الحسن اختيار المتألم بالفعل.
أقول : لا يشترط في حسن الألم المفعول ابتداء من الله تعالى اختيار المتألم للعوض الزائد عليه بالفعل لأن اعتبار الاختيار إنما يكون في النفع الذي يتفاوت فيه اختيار المتأمّلين فأما النفع البالغ إلى حد لا يجوز اختلاف الاختيار فيه فإنه يحسن وإن لم يحصل الاختيار بالفعل وهذا هو العوض المستحق عليه تعالى.
المسألة الرابعة عشرة
في الأعواض
قال : والعوض نفع مستحق خال عن تعظيم وإجلال.
أقول : لما ذكر حسن الألم المبتدإ مع تعقبه بالعوض الزائد وجب عليه البحث عن العوض وأحكامه وبدأ بتحديده فالنفع جنس للمتفضل به وللمستحق وقيد المستحق فصل يميزه عن النفع المتفضل به وقيد الخلو عن التعظيم والإجلال يخرج به الثواب.
قال : ويستحق عليه تعالى بإنزال الآلام وتفويت المنافع لمصلحة الغير وإنزال الغموم سواء استندت إلى علم ضروري أو مكتسب أو ظن لا ما تستند إلى فعل العبد وأمر عباده بالمضار أو إباحته وتمكين غير العاقل.
أقول : هذه الوجوه التي يستحق بها العوض على الله تعالى : الأول إنزال الآلام بالعبد كالمرض