قال : والعوض عليه تعالى يجب تزايده إلى حد الرضا عند كل عاقل وعلينا يجب مساواته.
أقول : هذا حكم آخر للعوض وهو أنه إما أن تكون علينا أو عليه تعالى أما العوض الواجب عليه تعالى فإنه يجب أن يكون زائدا عن الألم الحاصل بفعله أو بأمره أو بإباحته أو بتمكينه لغير العاقل زيادة تنتهي إلى حد الرضا من كل عاقل بذلك العوض في مقابلة ذلك الألم لو فعل له لأنه لو لا ذلك لزم الظلم أما مع مثل هذا العوض فإنه يصير كأنه لم يفعل وأما العوض علينا فإنه يجب مساواته لما فعله من الألم أو فوته من المنفعة لأن الزائد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلما ولا يخرج ما فعلناه بالضمان عن كونه ظلما قبيحا فلا يلزم أن يبلغ الحد الذي شرطناه في الآلام الصادرة منه تعالى.
المسألة الخامسة عشرة
في الآجال
قال : وأجل الحيوان الوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياته فيه.
أقول : لما فرغ من البحث عن الأعواض انتقل إلى البحث عن الآجال وإنما بحث عنه المتكلمون لأنهم بحثوا عن المصالح والألطاف وجاز أن يكون موت إنسان في وقت مخصوص لطفا لغيره من المكلفين فبحثوا عنه بعد بحثهم عن المصالح (واعلم) أن الأجل هو الوقت ونعني بالوقت هو الحادث أو ما يقدر تقدير الحادث كما يقال جاء زيد عند طلوع الشمس فإن طلوع الشمس أمر حادث معلوم لكل أحد فجعل وقتا لغيره ولو فرض جهالة طلوع الشمس وعلم مجيء زيد لبعض الناس صح أن يقال طلعت الشمس عند مجيء زيد إذا عرفت هذا فأجل الحيوان هو الوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياة ذلك الحيوان فيه وأجل الدين هو الوقت الذي جعله الغريمان محلا له.