المسألة الثانية
في أن الإمام يجب أن يكون معصوما
قال : وامتناع التسلسل يوجب عصمته ولأنه حافظ للشرع ولوجوب الإنكار عليه لو أقدم على المعصية فيضاد أمر الطاعة ويفوت الغرض من نصبه ولانحطاط درجته عن أقل العوام.
أقول : ذهبت الإمامية والإسماعيلية إلى أن الإمام يجب أن يكون معصوما وخالف فيه جميع الفرق والدليل على ذلك وجوه : الأول أن الإمام لو لم يكن معصوما لزم التسلسل والتالي باطل فالمقدم مثله ، بيان الشرطية أن المقتضي لوجوب نصب الإمام هو تجويز الخطإ على الرعية فلو كان هذا المقتضي ثابتا في حق الإمام وجب أن يكون له إمام آخر ويتسلسل أو ينتهي إلى إمام لا يجوز عليه الخطأ فيكون هو الإمام الأصلي. الثاني أن الإمام حافظ للشرع فيجب أن يكون معصوما أما المقدمة الأولى فلأن الحافظ للشرع ليس هو الكتاب لعدم إحاطته بجميع الأحكام التفصيلية ولا السنة لذلك أيضا ولا إجماع الأمة لأن كل واحد منهم على تقدير عدم المعصوم فيهم يجوز عليه الخطأ فالمجموع كذلك ولأن إجماعهم ليس لدلالة وإلا لاشتهرت ولا لأمارة إذ يمتنع اتفاق الناس في سائر البقاع على الأمارة الواحدة كما نعلم بالضرورة عدم اتفاقهم على أكل طعام معين في وقت واحد ، أو لا لهما فيكون باطلا ، ولا القياس لبطلان القول به على ما ظهر في أصول الفقه وعلى تقدير تسليمه فليس بحافظ للشرع بالإجماع ، ولا البراءة الأصلية لأنه لو وجب المصير إليها لما وجب بعثة الأنبياء وللإجماع على عدم حفظها للشرع فلم يبق إلا الإمام فلو جاز الخطأ عليه لم يبق وثوق بما تعبدنا الله تعالى به وما كلفناه وذلك مناقض للغرض من التكليف وهو الانقياد إلى مراد الله تعالى. الثالث أنه لو وقع منه الخطأ لوجب الإنكار عليه وذلك يضاد أمر الطاعة له بقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). الرابع ، لو وقع منه المعصية لزم نقض الغرض من نصب الإمام والتالي باطل