أقول : هذا هو الوجه الثاني في بيان أن عليا عليهالسلام أفضل من غيره وهو أنه عليهالسلام أعلم من غيره فيكون أفضل أما المقدمة الأولى فيدل عليها وجوه : الأول أنه عليهالسلام كان شديد الذكاء في غاية قوة الحدس ونشأ في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ملازما له مستفيدا منه والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أكمل الناس وأفضلهم ومع حصول القبول التام والمؤثر الكامل يكون الفعل أقوى وأتم وبالخصوص وقد مارس المعارف الإلهية من صغره وقد قيل إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر وهذا برهان لمي. الثاني أن الصحابة كانت تشتبه الأحكام عليهم وربما أفتى بعضهم بالغلط وكانوا يراجعونه في ذلك ولم ينقل أنه عليهالسلام راجع أحدا منهم في شيء البتة وذلك يدل على أنه أفضل من الجماعة فإنه نقل عن أبي بكر أن بعض اليهود لقيه فقال له أين الله تعالى فقال على العرش فقال اليهودي خلت الأرض منه حيث اختص ببعض الأمكنة فانصرف اليهودي مستهزئا بالإسلام فلقيه علي عليهالسلام فقال له إن الله أين الأين فلا أين له إلى آخر الحديث ، فأسلم على يده وسئل عن الكلالة والأب فلم يعرف ما يقول حتى أوضح علي عليهالسلام الجواب. وسئل عمر عن أحكام كثيرة فحكم فيها بضد الصواب فراجعه فيها علي عليهالسلام فرجع إلى قوله كما نقل عنه من إسقاط حد الشرب عن قدامة لما تلي عليه قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) فقال علي عليهالسلام الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون محرما وأمره برده واستتابته فإن تاب فاجلده وإلا فاقتله فتاب ولم يدر عمر كم يحده فأمره عليهالسلام بحده ثمانين. وأمر عمر برجم مجنونة زنت فرده عليهالسلام بقوله :»رفع القلم عن المجنون حتى يفيق«فقال لو لا علي لهلك عمر. وولدت امرأة لستة أشهر فأمر عمر برجمها فقال له عليهالسلام إن أقل الحمل ستة أشهر بقوله تعالى : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) وقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وأمر عمر برجم حامل فقال له علي عليهالسلام إن كان لك سبيل عليها فليس لك على ما في بطنها سبيل فامتنع وغير ذلك من الوقائع الشهيرة. الثالث قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقه أقضاكم علي والقضاء يستلزم العلم فيكون أفضل منهم. الرابع استناد العلماء بأسرهم إليه