له بين الصفين نطع ليلة الهرير فصلى عليهالسلام النافلة والسهام تقع بين يديه وإلى جوانبه وكانوا يستخرجون النصول من جسده وقت الصلاة لالتفاته بالكلية إلى الله تعالى حتى لا يبقى له التفات إلى غيره.
قال : وأحلمهم.
أقول : هذا وجه سابع وهو أن عليا عليهالسلام كان أحلم الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقابل أحدا بإساءته. فعفا عن مروان بن الحكم يوم الجمل وكان شديد العداوة له عليهالسلام. وعفا عن عبد الله بن الزبير لما استأسره يوم الجمل وكان يشتمه عليهالسلام ظاهرا وقال عليهالسلام لم يزل الزبير رجلا منا أهل البيت حتى شبه عبد الله ، وعفا عن سعيد بن العاص وكان عدوا له عليهالسلام وأكرم عائشة وبعثها إلى المدينة مع عشرين امرأة عقيب حربها له وصفح عن أهل البصرة مع محاربتهم له ولما حارب معاوية سبق أصحاب معاوية إلى الشريعة فمنعوه من الماء فلما اشتد العطش بأصحابه حمل عليهم وفرقهم وملك الشريعة فأراد أصحابه أن يفعلوا بهم كذلك فنهاهم عن ذلك وقال افسحوا بعض الشريعة ففي حد السيف ما يغني عن ذلك.
قال : وأشرفهم خلقا.
أقول : هذا وجه ثامن وتقريره أن عليا عليهالسلام كان أشرف الناس خلقا وأطلقهم وجها حتى نسبه عمر إلى الدعابة مع شدة بأسه وهيبته. قال صعصعة بن صوحان كان فينا كأحدنا لين جانب وشدة تواضع وسهولة قياد وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه. وقال معاوية لقيس بن سعد رحم الله أبا حسن فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة فقال قيس أم والله لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبدتين قد مسه الطوى تلك هيبة التقوى ليس كما يهابك طغام الشام فيكون أفضل من غيره حيث جمع بين المتضادات من حسن الخلق وطلاقة الوجه وعظم شجاعته وشدة بأسه وكثرة حروبه.