قال : وأقدمهم إيمانا.
أقول : هذا وجه تاسع وتقريره أن عليا عليهالسلام كان أقدم الناس إيمانا روى سلمان الفارسي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال أولكم ورودا على الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب عليهالسلام. وقال أنس بعث النبي يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلاثاء وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة عليهالسلام زوجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما وقال عليهالسلام يوما على المنبر أنا الصديق الأكبر وأنا الفاروق الأعظم آمنت قبل أن آمن أبو بكر وأسلمت قبل أن أسلم وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد. وروى عبد الله بن الحسن قال كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول أنا أول من صلى وأول من آمن بالله ورسوله ولم يسبقني بالصلاة إلا نبي الله. ولأنه عليهالسلام كان في منزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شديد الاختصاص به عظيم الامتثال لأوامره لم يخالفه قط وأبو بكر كان بعيدا عنه مجانبا له فيبعد عرض الإسلام عليه قبل عرضه على علي عليهالسلام وبالخصوص وقد نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (لا يقال) إن إسلامه عليهالسلام كان قبل البلوغ فلا اعتبار به (لأنا نقول) المقدمتان ممنوعتان (أما الأول) فلأن سن علي عليهالسلام كان ستا وستين سنة أو خمسا وستين والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقي بعد الوحي ثلاثا وعشرين سنة وعلي عليهالسلام بقي بعد النبي نحوا من ثلاثين سنة فيكون سن علي عليهالسلام وقت نزول الوحي فيما بين اثنتي عشرة سنة وبين ثلاث عشرة سنة والبلوغ في هذا الوقت ممكن فيكون واقعا لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم زوجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما (وأما الثانية) فلأن الصبي قد يكون رشيدا كامل العقل قبل سن البلوغ فيكون مكلفا ولهذا حكم أبو حنيفة بصحة إسلام الصبي وإذا كان كذلك دل على كمال الصبي (أما الأول) فلأن الطباع في الصبيان مجبولة على حب الأبوين والميل إليهما فإعراض الصبي عنهما والتوجه إلى الله تعالى يدل على قوة كماله (وأما ثانيا) فلأن طبائع الصبيان منافية للنظر في الأمور العقلية والتكاليف الإلهية وملائمة للعب واللهو فإعراض الصبي عما