قال ولانتفاء سبق كفره.
أقول : هذا وجه ثالث وعشرون وتقريره أن عليا عليهالسلام لم يكفر بالله تعالى أصلا بل من حين بلوغه كان مؤمنا موحدا بخلاف باقي الصحابة فإنهم كانوا في زمن الجاهلية كفرة ولا ريب في فضل من لم يزل موحدا على من سبق كفره على إيمانه.
قال : ولكثرة الانتفاع به.
أقول : هذا وجه رابع وعشرون وتقريره أن عليا عليهالسلام انتفع به المسلمون أكثر من نفعهم بغيره فيكون ثوابه أكثر وفضله أعظم. بيان المقدمة الأولى ما تقدم من كثرة حروبه وشدة بلائه في الإسلام وفتح الله البلاد على يديه وقوة شوكة الإسلام به حتى قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الأحزاب لضربة علي خير من عبادة الثقلين وبلغ في الزهد مرتبة لم يلحقها أحد بعده واستفاد الناس منه طرائق الرياضة والترك للدنيا والانقطاع إلى الله تعالى وكذا في السخاوة وحسن الخلق والعبادة والتهجد وأما العلم فظاهر استناد كافة العلماء إليه واستفادتهم منه وعاش بعد أبي بكر زمانا طويلا يفيد الناس الكمالات النفسانية والبدنية وابتلي بما لم يحصل لغيره من المشاق.
قال : وتميزه بالكمالات النفسانية والبدنية والخارجية.
أقول : هذا وجه خامس وعشرون وتقريره أن الكمالات إما نفسانية وإما بدنية وإما خارجية أما الكمالات النفسانية والبدنية فقد بينا بلوغه فيها إلى الغاية إذ كان العلم والزهد والشجاعة والسخاء وحسن الخلق والعفة فيه أبلغ من غيره بل لا يجاريه في واحد منها أحد وبلغ في القوة البدنية والشدة مبلغا لا يساويه أحد حتى قيل إنه عليهالسلام كان يقط إلهام قط الأقلام لم يخط في ضربه قط ولم يحتج إلى المعاودة وقلع باب خيبر وقد عجز عن نقلها سبعون رجلا من أشد الناس قوة مع أنه عليهالسلام كان قليل الغذاء جدا بأخشن مأكل وملبس كثير الصوم مداوم العبادة.