والقسمان باطلان أما الأول فلأن وجوده بعد العدم يستلزم جواز عدمه والوجوب يستلزم عدم جوازه وذلك جمع بين النقيضين وأما الثاني فلأن عدمه في وقت دون آخر ترجيح من غير مرجح لاستحالة استناده إلى ذاته وإلا لكان ممتنع الوجود مع إمكانه وذلك جمع بين النقيضين ولا إلى الفاعل ولا إلى الضد وإلا لجاز مثله في الجواهر فالقول بذلك هنا مع استحالته في الجواهر ترجيح من غير مرجح ولا إلى انتفاء الشرط وإلا لزم أن يكون للبقاء بقاء آخر فليس أحدهما بكونه صفة للآخر أولى من العكس وذلك ترجيح من غير مرجح.
قال : وإثباته في المحل يستلزم توقف الشيء على نفسه إما ابتداء أو بواسطة.
أقول : ذهب جماعة من الأشاعرة والكعبي إلى أن الجواهر تبقى ببقاء قائم بها فإذا أراد الله تعالى إعدامها لم يفعل البقاء فانتفت الجواهر والمصنف ـ رحمهالله ـ أبطل ذلك باستلزامه توقف الشيء على نفسه إما ابتداء أو بواسطة ، وتقريره أن حصول البقاء في المحل يتوقف على وجود المحل في الزمان الثاني لكن حصوله في الزمان الثاني إما أن يكون هو البقاء أو معلوله ويستلزم من الأول توقف الشيء على نفسه ابتداء ومن الثاني توقفه على معلوله المتوقف عليه وذلك يقتضي توقف الشيء على نفسه بواسطة فهذا ما يمكن حمل كلامه عليه.
المسألة الرابعة
في وجوب المعاد الجسماني
قال : ووجوب إيفاء الوعد والحكمة يقتضي وجوب البعث والضرورة قاضية بثبوت الجسماني من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع إمكانه.
أقول : اختلف الناس هنا فذهب الأوائل إلى نفي المعاد الجسماني وأطبق المليون عليه واستدل المصنف ـ رحمهالله ـ على وجوب المعاد مطلقا بوجهين : الأول أن الله تعالى وعد بالثواب وتوعد بالعقاب مع مشاهدة الموت للمكلفين فوجب القول بعودهم ليحصل الوفاء