ويعصي في أجزاء أخرى فإذا أعيد في تلك الأجزاء بعينها وأثابها على الطاعة لزم إيصال الحق إلى غير مستحقه. وتقرير الجواب واحد وهو أن لكل مكلف أجزاء أصلية لا يمكن أن تصير جزءا من غيرها بل تكون فواضل من غيره لو اغتذى بها فإذا أعيدت جعلت أجزاء أصلية لما كانت أصلية له أولا وتلك الأجزاء هي التي تعاد وهي باقية من أول العمر إلى آخره.
قال : وعدم انخراق الأفلاك وحصول الجنة فوقها ودوام الحياة مع الاحتراق وتولد البدن من غير التوالد وتناهي القوى الجسمانية استبعادات.
أقول : احتج الأوائل على امتناع المعاد الجسماني بوجوه : أحدها أن السمع قد دل على انتثار الكواكب وانخراق الأفلاك وذلك محال. الثاني أن حصول الجنة فوق الأفلاك كما ذهب إليه المسلمون يقتضي عدم الكرية. الثالث أن بقاء الحياة مع دوام الاحتراق في النار محال. الرابع أن تولد الأشخاص وقت الإعادة من غير توالد الأبوين باطل. الخامس أن القوى الجسمانية متناهية والقول بدوام نعيم أهل الجنة قول بعدم التناهي. والجواب عن الكل واحد وهو أن هذه استبعادات أما الأفلاك فلأنها حادثة على ما تقرر أولا فيمكن انخراقها كما يمكن عدمها فكذا حصول الجنة فوق الأفلاك. ودوام الاحتراق مع بقاء الجسم ممكن ولأنه تعالى قادر على كل مقدور فيمكن استحالة الجسم إلى أجزاء نارية ثم يعيدها الله تعالى هكذا دائما. والتولد ممكن كما في آدم عليهالسلام. والقوى الجسمانية قد لا يتناهى أثرها إذا كانت واسطة في التأثير.
المسألة الخامسة
في الثواب والعقاب
قال : ويستحق الثواب والمدح بفعل الواجب والمندوب وفعل ضد القبيح والإخلال به بشرط فعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه والمندوب كذلك والضد لأنه ترك القبيح