وتقريره أن العقاب لطف واللطف واجب أما الصغرى فلأن المكلف إذا عرف أن مع المعصية يستحق العقاب فإنه يبعد عن فعلها ويقرب إلى فعل ضدها وهو معلوم قطعا وأما الكبرى فقد تقدمت. الثاني سمعي وهو الذي ذهب إليه باقي العدلية وهو متواتر معلوم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا عرفت هذا فنقول ذهب جماعة إلى أن الإخلال بالواجب لا يقتضي استحقاق ذم ولا عقاب بل المقتضي لذلك هو فعل القبيح أو ضد فعل الواجب وهو تركه وقد تقدم بيان ذلك.
قال : ولا استبعاد في اجتماع الاستحقاقين باعتبارين.
أقول : هذا جواب عن حجة من منع من كون الإخلال بالواجب سببا لاستحقاق الذم وتقريره أنه لو كان ذلك سببا والإخلال بالقبيح سبب للمدح لكان المكلف إذا خلا من الأمرين مستحقا للذم والمدح. والجواب لا استبعاد في اجتماع الاستحقاقين باعتبارين فيذم على أحدهما ويمدح على الآخر كما إذا فعل طاعة ببعض أعضائه ومعصية بالبعض الآخر.
قال : وإيجاب المشقة في شكر النعمة قبيح.
أقول : ذهب أبو القاسم البلخي إلى أن هذه التكاليف وجبت شكرا للنعمة فلا تستلزم وجوب الثواب ولا يستحق بفعلها نفع وإنما الثواب تفضل من الله تعالى وذهب جماعة من العدلية إلى خلاف هذا القول واحتج المصنف ـ رحمهالله ـ على إبطاله بأنه يقبح عند العقلاء أن ينعم الإنسان على غيره ثم يكلفه ويوجب عليه شكره ومدحته على تلك النعمة من غير إيصال ثواب إليه ويعدون ذلك نقصا في المنعم وينسبون إلى الرياء وذلك قبيح لا يصدر من الحكيم فوجب القول باستحقاق الثواب.
قال : ولقضاء العقل به مع الجهل.
أقول : هذا دليل ثان على إبطال قول البلخي وتقريره أن العقلاء بأسرهم يجزمون