بعد ثبوته أو أن الكفر أبطله والأولان باطلان أما الأول فلأنه علق بطلانه بالشرك المتجدد ولأنه شرط وجزاء وهما إنما يقعان في المستقبل وبالأول يبطل الثاني وأما الثاني فلما يأتي من بطلان التحابط فتعين الثالث.
المسألة السابعة
في الإحباط والتكفير
قال : والإحباط باطل لاستلزامه الظلم ولقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ).
أقول : اختلف الناس هنا فقال جماعة من المعتزلة بالإحباط والتكفير ومعناهما أن المكلف يسقط ثوابه المتقدم بالمعصية المتأخرة أو تكفر ذنوبه المتقدمة بطاعته المتأخرة ونفاهما المحققون ثم القائلون بهما اختلفوا فقال أبو علي إن المتأخر يسقط المتقدم ويبقى على حاله ، وقال أبو هاشم إنه ينتفي الأقل بالأكثر وينتفي من الأكثر بالأقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقا وهذا هو الموازنة ويدل على بطلان الإحباط أنه يستلزم الظلم لأن من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن وإن كان إحسانه أكثر يكون بمنزلة من لم يسئ وإن تساويا يكون مساويا لمن لم يصدر عنه أحدهما وليس كذلك عند العقلاء ولقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) والإيفاء بوعده ووعيده واجب.
قال : ولعدم الأولوية إذا كان الآخر ضعفا وحصول المتناقضين مع التساوي.
أقول : هذا دليل على إبطال قول أبي هاشم بالموازنة وتقريره أنا إذا فرضنا أنه استحق المكلف خمسة أجزاء من الثواب وعشرة أجزاء من العقاب فليس إسقاط إحدى الخمستين من العقاب بالخمسة من الثواب أولى من الأخرى فإما أن يسقطا معا وهو خلاف مذهبه أو لا يسقط شيء منهما وهو المطلوب ولو فرضنا أنه فعل خمسة أجزاء من الثواب وخمسة أجزاء من العقاب فإن تقدم إسقاط أحدهما للآخر لم يسقط الباقي بالمعدوم لاستحالة