صيرورة المغلوب والمعدوم غالبا ومؤثرا ، وإن تقارنا لزم وجودهما معا لأن وجود كل منهما نفي وجود الآخر فيلزم وجودهما حال عدمهما وذلك جمع بين المتناقضين.
المسألة الثامنة
في انقطاع عذاب أصحاب الكبائر
قال : والكافر مخلد وعذاب صاحب الكبيرة منقطع لاستحقاقه الثواب بإيمانه ولقبحه عند العقلاء.
أقول : أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافر مؤبد لا ينقطع واختلفوا في أصحاب الكبائر من المسلمين فالوعيدية على أنه كذلك وذهبت الإمامية وطائفة كثيرة من المعتزلة والأشاعرة إلى أن عذابه منقطع وينبغي أن يعرف هنا الصغير والكبير من الذنب أما الصغير فيقال على وجوه (منها) ما يقال بالإضافة إلى الطاعة فيقال هذه المعصية صغيرة في مقابلة الطاعة أو هي أصغر من هذه الطاعة باعتبار أن عقابها ينقص في كل وقت عن ثواب تلك الطاعة في كل وقت وإنما شرطنا عموم الوقت لأنه متى اختلف الحال في ذلك بأن يزيد تارة ثواب الطاعة عن عقاب المعصية وتارة ينقص لم نقل أن تلك صغيرة بالإضافة إلى تلك الطاعة على الإطلاق بل تقيد بالحالة التي يكون عقابها أقل من ثواب الطاعة وحصول الاختلاف بما يقترن بالطاعة والمعصية فإن الإنفاق في سبيل الله مختلف كما قال تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) (ومنها) أن يقال بالنسبة إلى معصية أخرى فيقال هذه المعصية أصغر من تلك بمعنى أن عقاب هذه ينقص في كل وقت عن عقاب الأخرى (ومنها) أن يقال بالإضافة إلى ثواب فاعلها بمعنى أن عقابها ينقص في كل وقت عن ثواب فاعلها في كل وقت ، هذا هو الذي يطلقه العلماء عليه. والكبير يقال على وجوه مقابلة لهذه الوجوه (إذا عرفت هذا فنقول) الحق أن عقاب أصحاب الكبائر منقطع والدليل عليه وجهان : الأول أنه يستحق الثواب بإيمانه لقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) والإيمان أعظم أفعال الخير فإذا استحق العقاب بالمعصية فإما أن