المسألة الثالثة عشرة
في باقي المباحث المتعلقة بالتوبة
قال : والعقاب يسقط بها لا بكثرة ثوابها لأنها قد تقع محبطة ولولاه لا يبقى الفرق بين التقدم والتأخر ولا اختصاص ولا تقبل في الآخرة لانتفاء الشرط.
أقول : اختلف الناس هنا فقال قوم إن التوبة تسقط العقاب بذاتها لا على معنى أنها لذاتها تؤثر في إسقاط العقاب بل على معنى أنها إذا وقعت على شروطها والصفة التي بها تؤثر في إسقاط العقاب أسقطت العقاب من غير اعتبار أمر زائد وقال آخرون إنها تسقط العقاب لكثرة ثوابها واستدل المصنف ـ رحمهالله ـ على الأول بوجوه : الأول أن التوبة قد تقع محبطة بغير ثواب كتوبة الخارجي من الزنا فإنه يسقط بها عقابه من الزنا ولا ثواب لها. الثاني أنه لو أسقطت العقاب بكثرة ثوابها لم يبق فرق بين تقدم التوبة على المعصية وتأخرها عنها كغيرها من الطاعات التي تسقط العقاب بكثرة ثوابها ولو صح ذلك لكان التائب عن المعاصي إذا كفر أو فسق أسقط عنه العقاب. الثالث لو أسقطت العقاب لعظم ثوابها لما اختص بها بعض الذنوب عن بعض فلم يكن إسقاطها لما هي توبة عنه بأولى من غيره لأن الثواب لا اختصاص له ببعض العقاب دون بعض (ثم) إن المصنف ـ رحمهالله ـ أجاب عن حجة المخالف وتقريرها أن التوبة لو أسقطت العقاب لذاتها لأسقطته في حال المعاينة في الدار الآخرة (والجواب) أنها إنما تؤثر في الإسقاط إذا وقعت على وجهها وهي أن تقع ندما على القبيح لقبحه وفي الآخرة يقع الإلجاء فلا يكون الندم للقبح
المسألة الرابعة عشرة
في عذاب القبر والميزان والصراط
قال : وعذاب القبر واقع لإمكانه وتواتر السمع بوقوعه.
أقول : نقل عن ضرار أنه أنكر عذاب القبر والإجماع على خلافه وقد استدل المصنف