وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) وقال في أهل النار : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) وقيل إن هناك طريقا واحدا على جهنم يكلف الجميع المرور عليه ويكون أدق من الشعر واحد من السيف فأهل الجنة يمرون عليه لا يلحقهم خوف ولا غم والكفار يمرون عليه عقوبة لهم وزيادة في خوفهم فإذا بلغ كل واحد إلى مستقره من النار سقط من ذلك الصراط.
قال : والسمع دل على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن والمعارضات متأولة.
أقول : اختلف الناس في أن الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا فذهب جماعة إلى الأول وهو قول أبي علي وذهب أبو هاشم والقاضي إلى أنهما غير مخلوقتين احتج الأولون بقوله تعالى (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ، (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) ، (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) ، (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وجنة المأوى هي دار الثواب فدل على أنها مخلوقة الآن في السماء. احتج أبو هاشم بقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فلو كانت الجنة مخلوقة الآن لوجب هلاكها والتالي باطل لقوله تعالى (أُكُلُها دائِمٌ) والجواب دوام الأكل إشارة إلى دوام المأكول بالنوع بمعنى دوام خلق مثله وأكل الجنة يفنى بالأكل إلا أنه تعالى يخلق مثله والهلاك هو الخروج عن الانتفاع ولا ريب أن مع فناء المكلفين يخرج الجنة عن حد الانتفاع فتبقى هالكة بهذا المعنى.
المسألة الخامسة عشرة
في الأسماء والأحكام
قال : والإيمان التصديق بالقلب واللسان ولا يكفي الأول لقوله تعالى (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) ونحوه ولا الثاني لقوله (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا).
أقول : اختلف الناس في الإيمان على وجوه كثيرة ليس هذا موضع ذكرها والذي اختاره المصنف ـ رحمهالله ـ أنه عبارة عن التصديق بالقلب واللسان معا ولا يكفي أحدهما فيه أما التصديق القلبي فإنه غير كاف لقوله تعالى(وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) وقوله