(ه) وفيه «كان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء الله ، وجزءا لأهله ، وجزءا لنفسه ، ثم جزّا جزءه بينه وبين الناس ، فيردّ ذلك على العَامَّة بالخاصّة» أراد أن العَامَّة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت ، فكانت الخاصّة تخبر العَامَّة بما سمعت منه ، فكأنه أوصل الفوائد إلى العَامَّة بالخاصة.
وقيل : إنّ الباء بمعنى من : أي يجعل وقت العَامَّة بعد وقت الخاصّة وبدلا منهم. كقول الأعشى (١) :
على أنّها إذ رأتني أقا |
|
د قالت بما قد أراه بصيرا |
أي هذا العشا مكان ذلك الإبصار ، وبدل منه (٢).
وفيه «أكرموا عَمَّتَكُم النّخلة» سمّاها عَمَّةً للمشاكلة في أنها إذا قطع رأسها يبست ، كما إذا قطع رأس الإنسان مات. وقيل : لأنّ النّخل خلق من فضلة طينة آدم عليهالسلام.
وفي حديث عائشة «استأذنت النبي صلىاللهعليهوسلم في دخول أبي القعيس عليها ، فقال : ائذني له فإنه عَمُّجِ» يريد عَمُّكِ من الرّضاعة ، فأبدل كاف الخطاب جيما ، وهي لغة قوم من اليمن.
قال الخطّابي : إنما جاء هذا من بعض النّقلة ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان لا يتكلّم إلا باللّغة العالية.
وليس كذلك ، فإنّه قد تكلّم بكثير من لغات العرب ، منها قوله «ليس من امبرّ امصيام في امسفر» وغير ذلك.
(س) وفي حديث جابر «فعَمَ ذلك؟» أي لم فعلته ، وعن أيِّ شيء كان؟ وأصله : عن ما ، فسقطت ألف ما وأدغمت النون في الميم ، كقوله تعالى (عَمَ يَتَساءَلُونَ) وهذا ليس بابها ، وإنما ذكرناها للفظها.
__________________
(١) هو الأعشى الكبير ، ميمون بن قيس. ديوانه ص ٩٥.
(٢) زاد الهروى وجها ثالثا ، قال : «والقول الثالث : فردّ ذلك بدلا من الخاصة على العامة ، أن يجعل العامّة مكان الخاصة».