(ه) ومنه الحديث «ضَالَّة المؤمن حرق النّار» قد تكرر ذكر «الضَّالَّة» في الحديث. وهي الضّائعة من كلّ ما يقتنى من الحيوان وغيره. يقال : ضَلَ الشيء إذا ضاع ، وضَلَ عن الطّريق إذا حار ، وهي في الأصل فاعلة ، ثم اتّسع فيها فصارت من الصّفات الغالبة ، وتقع على الذّكر والأنثى ، والاثنين والجمع ، وتجمع على ضَوَالّ. والمراد بها في هذا الحديث الضَّالَّة من الإبل والبقر مما يحمى نفسه ويقدر على الإبعاد في طلب المرعى والماء ، بخلاف الغنم.
وقد تطلق الضَّالَّة على المعاني.
ومنه الحديث «الكلمة الحكيمة ضَالَّة المؤمن» وفي رواية «ضَالَّة كلّ حكيم» أي لا يزال يتطلّبها كما يتطلّب الرجل ضَالَّته.
(ه) ومنه الحديث «ذَرُّوني في الرّيح لعلّي أَضِلُ الله» أي أفوته ويخفى عليه مكاني. وقيل : لعلّي أغيب عن عذاب الله تعالى. يقال : ضَلَلْتُ الشيءَ وضَلِلْتُهُ إذا جعلته في مكان ولم تدر أين هو ، وأَضْلَلْتُهُ إذا ضيّعته. وضَلَ الناسي إذا غاب عنه حفظ الشيء. ويقال أَضْلَلْتُ الشيءَ إذا وجدته ضَالّا ، كما تقول : أحمدته وأبخلته إذا وجدته محمودا وبخيلا.
(ه) ومنه الحديث «أن النبي صلىاللهعليهوسلم أتى قومه فأَضَلَّهُم» أي وجدهم ضُلَّالا غير مهتدين إلى الحقّ.
وفيه «سيكون عليكم أئمة إن عصيتموهم ضَلَلْتُم» يريد بمعصيتهم الخروج عليهم وشقّ عصا المسلمين. وقد يقع أَضَلَّهُم في غير هذا على الحمل على الضَّلَال والدّخول فيه.
وفي حديث عليّ ، وقد سئل عن أشعر الشّعراء فقال : «إن كان ولا بدّ فالمَلِك الضِّلِّيل» يعنى امرأ القيس ، كان يلقّب به. والضِّلِّيل بوزن القنديل : المبالغ في الضَّلَال جدّا ، والكثير التّتبّع للضَّلَال.