[حوادث]
سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها أنّ أبا الحسن علي بن محمد بن المعلّم الكوكبي كان قد استولى على أمور السلطان بهاء الدولة كلّها ، فمنع أهل الكرخ وباب الطاق من النّوح يوم عاشوراء ، ومن تعليق المسوح ، كان كذلك يعمل من نحو ثلاثين سنة ، ووقّع أيضا بإسقاط من قبل من الشهود بعد وفاة القاضي أبي محمد بن معروف ، وأن لا يقبل في الشّهادة إلّا من كان ارتضاه ابن معروف ، وذلك أنه لما توفّي كثر قبول الشهود بالشفاعات ، حتى بلغت عدّة الشهود ثلاثمائة وثلاثة أنفس ، ثم إنّه فيما بعد ، وقّع بقبولهم في السنة (١).
وفيها شغبت الجند ، وخرجوا بالخيم إلى باب الشمّاسة ، وراسلوا بهاء الدولة يشتكون من أبي الحسن بن المعلّم ، وتعديد ما يعاملهم به ، وطالبوه بتسليمه إليهم. وكان ابن المعلّم قد استولى على الأمور ، فالمقرّب من قرّبه والمبعد من بعّده ، فثقل على الأمراء أمره ، ولم يراعهم هو ، فأجابهم السلطان ، ووعدهم ، فأعادوا الرسالة بأنّهم لا يرضون إلّا بتسليمه إليهم ، فأعاد الجواب بأنّه يبعده عن مملكته ، فأبوا ذلك ، إلى أن قال له الرسول : إنّه لأمر شديد ، فاختر بقاءه أو بقاء دولتك ، فقبض عليه حينئذ وعلى أصحابه ، وأخرجوا صلته ، فصمّم الجند أنّهم لا يرجعون إلّا بتسليمه ، فتدمّم (٢) من ذلك ، وركب إليهم ، فلم يقم أحد منهم إليه ولا خدمه ، وقد
__________________
(١) المنتظم ٧ / ١٦٨.
(٢) كذا في الأصل. ولعلّه أراد «فتغمّم».